فجعل مالك على الأمة في الوفاة نصف عدة الحرة، وفي الطلاق ثلثي عدتها، والتي يئست من المحيض إن إرتابت نفسها ثلاثة أشهر، وكذلك على التي لم تحض وهي ممن توطأ، ففرق بين ما لا يفترق، وحدد حدودا [لم] يحدها الله، وفرق بين ما لم يفرق الله بينه.
فإن قال الذاهب إلى ذلك: قلت ذلك في الأمة قياسا على ما أوجب الله سبحانه عليها في الحدود نصف حد الحرة.
وقيل له: لا تقاس شريعة على شريعة أخرى، وإنما يقاس ما لم يأت فيه خبر، والعدد قد نص الله عليها ولم يخص الإماء، فإن أوجبت على العبيد في كل فرض نصف ما وجب على الحر، فاقطع نصف يده إذا سرق، أو لا تقطعه حتى يسرق مرتين أو يسرق مثلي ما يجب فيه القطع، والقطع أشبه بالحدود من العدة، واجعل عليه في كفاراته نصف كفارة الحر، أو لا يكفر حتى يحنث مرتين وهذا لا يقوله أحد من الأمة.
فجعلت بعض الخطاب على ظاهره وبعضه خاصا، وجعلت آية الظهار عامة في العبد والحر وآية كفارة قتل الصيد، وقلت: آية العدد خوطب بها الأحرار، وقلت في قوله: {إذا نكحتهم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها}، عامة في العبيد والأحرار، فكذلك قوله: {فطلقوهن لعدتهن} الآية، فلم يفرق الله سبحانه بينهما في ذلك، ولا ثبت عن الرسول عليه السلام.