وكان عتيبة بن الحارث بن شهاب أفرس هؤلاء وأشدهم بطشاً، قال أبو عمر المدني: كانت العرب تقول لو أن القمر سقط ما التقطه أحد إلا عتيبة لثقافته.
قال أبو عبيدة: قتلة غلام من بني أسد يقال له ذؤاب وسببه أنه غزا بني أسد بن خزيمة فقاتله القوم حتى ظفر أوكاده فانتحى له ذؤاب وهو يومئذ شاب فرماه بكسرة رمح أو نيزك فأصاب بطنه فقتله وهزمت بنو يربوع، وذلك قول مالك بن نويرة:
تالله لا تنسى تميم عميدها ... وفارسها أخرى الليالي الغوابر
ثم غزوهم ثائرين فقتلوا ذؤاباً، قتله حليس بن عتيبة أخذه أسيراً وضرب عنقه، وقيل: إنه المجشر بن عبد عمرو الغاضري، ورجلا آخر يقال له المسيب، وقال متمم يذكر قتل الشيعة:
أبأنا به من أكرم القوم شيعة ... وكنا متى ما نطلب الثأر نغضب
قال زرارة بن عدس لابنه لقيط: إنك لتجدب على إخوتك كأنك أتيت الملك فأعطاك مائة من الإبل وتزوجت إلى ابنة ذي الجدين فقال: أو تلك هي النهية يا أبت، قال: نعم، قال: فوالله لا يصيب رأسي غسل حتى أبلغها فأصاب ذلك. قال الكلبي: وكان زرارة يسمى رب معد قال:
فهلا افتخرت اليوم إن كنت فاخراً ... برب معد أو بسلمى بن جندل
قال: وكانت العرب تسمى بني عبد مناق بن دارم: اللباب وبني مجاشع: السحاب لسخائهم، وبني نهشل: الشهاب لشدة بأسهم قال: فأنشدني الأخطل:
تاج الملوك وبيته في دارم ... إذ كان يربوع من الرعيان
يعني تاج: حاجب بن زرارة حين رهن كسرى قوسه عن تميم وكانوا أجدبوا فوفد حاجب إلى كسرى فطلب إليه أن يأذن له ولقومه فيستظلوا في ظله ويعيشوا في أرضه، فقال كسرى: إني لا آمن أن تفسدوا في أرضي، فقال أنا لك بان لا يفعلوا، فقال ومن لي بذلك، قال أرهنك قوسي بما أحدثوا، فقال أحباؤه طؤوه إنه لمجنون يرهن الملك عويداً بما أفسد من أرضه، فقال كسرى: لا تفعلوا فإنه لم يرهن هذا العود إلا وفي نفسه أن يفي فارتهنها منه، وعاشوا تحت يديه حتى أجموا فوفى له قومه، ووفي للملك.
وتاج عطارد ابنه، وقال مسكين:
كفانا حاجب كسرى وقوماً ... هم البيض الجعاد ذووا السبال
وسار عطارد حتى أتوه ... فأعطوه المنى غير انتحال
هما حبيا بديباج كريم ... وياقوت يفصل بالمحال
أبو عبيدة قال: حدثني يزيد بن شيبان بن علقمة بن زرارة بن عدس. قال: خرجت فإذا أنا برجل على بعير وحوله عشرة بنين له يدفعون عنه الناس، فدنوت منه فقلت: ممن الرجل؟ قال: رجل من مهرة، من ساكني البحر، فوليت فناداني: أن مالك دنوت ثم وليت؟.
قلت: لست من قومي ولا أعرفك ولا تعرفني.
قال: إن كنت من كرام العرب فإني أعرفك، فأنفت فرجعت فقلت: إني من كرام العرب.
فقال: ممن أنت؟ قلت: من مضر.
قال: فمن الفرسان أنت أم من الأرحاء؟.
فعلمت أنه أراد بالفرسان قيساً، وبالأرحاء خندفاً.
فقلت: بل من الأرحاء.
قال: أنت امرؤ من خندف.
قلت: أجل.
قال: فمن الأزمة أنت أم من الروابي؟.
فعلمت أنه أراد بالأزمة: خزيمة، والروابي: بني أد بن طابخة، فقلت: بل من الروابي.
قال: أنت امرؤ من بني أد بن طابخة.
فقلت: أجل؟.
قال: أفمن الهوازن أنت أم من الصميم؟ فعلمت أنه أراد بالصميم: تميماً، وبالهوازن: الرباب وما والاها، فقلت: بل من الصميم.
قال: فأنت امرؤ من تميم.
قلت: أجل.
قال: فمن الأكثرين أنت أم من الأقلين؟. أم من إخوتهم الآخرين؟.
فعلمت أنه أراد بالأكثرين: بني زيد، وبالأقلين: بني عمرو وإخوتهم الآخرين: بني الحارث، قلت: بل من الأكثرين.
قال: أنت امؤ من بني زيد.
قلت: أجل.
قال: أفمن البحور أم من السحاب؟.
فعلمت أنه أراد بالبحور: بني سعد، وبالسحاب: بني حنظلة.
قلت: من السحاب.
قال: أنت امرؤ من بني حنظلة.
قلت: أجل.
قال: أفمن الشهاب أنت أم من اللباب؟.
فعلمت أنه أراد بالشهاب: نهشلاً ومجاشعاً، وباللباب: بني عبد الله بن دارم، قلت: من اللباب.
قال: أنت امرؤ من دارم.
قلت: أجل.
قال: أفمن البطون أنت أم من الأخلاف؟.
قلت: بل من البطون.
قال: أنت يزيد بن شيبان بن علقمة بن زرارة بن عدس، وكانت لأبيك امرأتان فأيتها أمك.