وحين فرغ مراد من عقد الهدنة مع أعدائه الاوروبيين عاد إلى الأناضول وفجع بموت ابنه الأمير علاء واشتد حزنه عليه وزهد في الدنيا والملك ونزل عن السلطنة لابنه محمد وكان إذ ذاك في الرابعة عشرة من عمره، ولصغر سنه أحاطه والده ببعض أهل الرأي والنظر من رجال دولته ثم ذهب إلى مغنيسيا في آسيا الصغرى ليقضي بقية حياته في عزلة وطمأنينة ويتفرغ في هذه الخلوة إلى عبادة الله والتأمل في ملكوته بعد أن أطمأن إلى استتباب الأمن والسلام في أرجاء دولته ولم يستمتع السلطان طويلاً بهذه الخلوة والعبادة (?) حيث قام الكاردينال سيزاريني وبعض أعوانه بالدعوة إلى نقض العهود مع العثمانيين وطردهم عن أوربا، خصوصاً وأن العرش العثماني قد تركه السلطان مراد لابنه الفتى الذي لا خبرة له ولاخطر منه وقد اقتنع البابا أوجين الرابع بهذه الفكرة الشيطانية (?) وطلب من النصارى، نقض العهد، ومهاجمة المسلمين وبين للنصارى أن المعاهدة التي عقدت مع المسلمين باطلة لأنها عقدت بدون إذن البابا وكيل المسيح في الأرض وكان الكاردينال سيزاريني عظيم النشاط دائم الحركة لايكل عن العمل، يجد ويسعى للقضاء على العثمانيين ولذلك كان يزور ملوك النصارى وزعمهم ويحرضهم على نقض المعاهدة مع المسلمين ويقنع كل من يعترض عليه نكث المعاهدة ويقول له أنه باسم البابا يبرئ ذمتهم من نكثها ويبارك جنودهم وأسلحتهم، وعليهم أن يتبعوا طريقه فان طريق المجد والخلاص ومن نازعه ضميره بعد ذلك وخشي الاثم فإنه يحمل عنه وزره وإثمه (?).

لقد نقض النصارى عهودهم، وحشدوا الجيوش لمحاربة المسلمين، وحاصروا مدينة " فارنا " البلغارية الواقعة على ساحل البحر الأسود، والتي كانت قد تحررت على أيدي المسلمين، ونقض العهود هو سَمْتُ ظاهر لأعداء هذا الدين، ولذلك أوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين قتالهم يقول سبحانه: {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون} (التوبة: 12).

لاعهود، ولا مواثيق يرعونها، كما هو طابعهم دائماً. إنهم لا يتورعون عن مهاجمة أي أمة، أي إنسان يلمحون فيه ضعفاً، يقتلون ويذبحون (?) وصدق الله القائل في تصويرهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015