لقد كان العلماء في مسير الدولة العثمانية مرجع للسلاطين عند الفتن والملاحم والمحن وكانت لهم مقدرة عظيمة على حشد الناس تحت لواء الجهاد في سبيل الله تعالى، وإقامة شرعه على الرعية وكانوا لايسمحون للسلطان أن يتجاوز أحكام الشرع وإلا ربما هيجوا عليه الناس وعزلوه، وكانت أحكام العلماء والفقهاء تستنبط من:

1 - القرآن الكريم:

قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} (سورة النساء: 105).

فهو المصدر الأول الذي يشتمل على جميع الأحكام الشرعية التي تتعلق بشؤون الحياة البشرية، كما يتضمن مبادئ أساسية وأحكاماً قاطعة لإصلاح كل شعبة من شعب الحياة، كما بين القرآن الكريم للمسلمين كل ما يحتاجون إليه من أسس تقوم عليها دولتهم.

2 - السنة المطهرة:

هي المصدر الثاني الذي يستمد منه العلماء الأحكام ومن خلالها يعرفون الصيغ التنفيذية والتطبيقية لأحكام القرآن ممثلة في قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأمة ومن خلال السنة يمكن التعرف على نوعية المجتمع المثالي الذي ينشده الإسلام.

3 - إجماع الأمة:

وخاصة الصحابة، وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدين قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} (النساء: 115).

4 - مذهب العلماء والمجتهدين:

قال تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (سورة النساء، آية: 83).

والآية دليل على الأخذ بالاجتهاد إذا عُدم النص والإجماع (?)، ولأن العلماء في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - كالأنبياء في بني إسرائيل، فهم المؤتمون على نقل العلم، والمفوضون في استنباط الأحكام المتجددة في عمومات الشريعة، لا لعصمة اختصوا بها - فليس في الإسلام كهنوت - ولكن لأهليتهم في أن يُسموا - "أهل الذكر " والله تعالى يقول: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} (سورة النحل، آية: 43).

لقد كان علماء الدولة العثمانية على فهم عميق لروح الشريعة وقواعدها ولهم المقدرة على معالجة مايستجد من قضايا في ضوء هذا الفهم، وكانت لهم القدرة على فهم ضبط المناط في الأحكام وقياس الفروع على الأصول فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015