يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن تحدث عن دور اليهود في نشأة التشيع: " فظهرت بدعة التشيع التي هي مفتاح باب الشرك، ثم لما تمكنت الزنادقة أمروا ببناء المشاهد وتعطيل المساجد، محتجين بأنه لاتصلى الجمعة والجماعة إلا خلف إمام معصوم، ورووا في إنارة المشاهد وتعظيمها والدعاء عندها من الأكاذيب مالم أجد مثله فيما وقفت عليه من أكاذيب من أهل الكتاب حتى صنف كبيرهم ابن النعمان (?) كتاباً في (مناسك حج المشاهد) وكذبوا فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته أكاذيب بدلوا بها دينه، وغيروا ملته، وابتدعوا الشرك المنافي للتوحيد" (?).
وانتقل هذا الوباء العظيم وبدأ في نخر الدولة العثمانية، وتعاظم شره، ووقع ماحذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشرك العظيم.
وقد تجلت مظاهر الشرك ووسائله في تلك الفترة في الصور التالية:
- بناء المساجد والقباب والمشاهد على الأضرحة والقبور في أقاليم الدولة، بل انتشر ذلك في العالم الإسلامي كله وللأسف الشديد نجد الدولة العثمانية في العصور المتأخرة تشجع على تلك المشاهد والأضرحة المنتشرة في العالم الإسلامي فمثلاً أعفت الدولة أهالي البصرة من الرسوم والتكاليف، احتراماً لصاحب الحضرة الشريفة، يعني الزبير بن العوام رضي الله عنه، وأن العثمانيين بنوا على ضريحه مسجداً، وقامت والدة السلطان عبد العزيز بترميم القبب، وتكبير المسجد، وفي سنة 1293هـ ورد أمر من السلطان عبد الحميد الثاني بتعمير هذه المراقد الشريفة على نظارة والي البصرة (ناصر باشا السعدون).
ثم في سنة 1305هـ أمر السلطان عبد الحميد أيضاً بتبييض القبب وتعمير المسجد، وأمر أيضاً بكسوتين للضريحين (الزبير وعتبة بن غزوان) من الحرير الأحمر المفتخر المطرز بالفضة وأمر أيضاً بوضع مباخر وقماقم من الفضة عند الضريحين الكريمين (?) وكانت جميع الأقاليم الإسلامية، في الحجاز واليمن وافريقيا ومصر والمغرب العربي والعراق والشام وتركيا وإيران، وبلاد ماوراء النهر والهند وغيرها تتسابق في بناء الأضرحة والقباب وتتنافس في تعظيمها والاحتفاء بها، إذ البناء على القبور هو مادرج عليه أهل ذلك العصر، وهو الشرف الذي يتوق إليه الكثيرون.