إزاء هذا الاخفاق قرر هرتزل أن يستخدم وسائل أخرى لاستمالة عبد الحميد الثاني، حيث عرض نفسه عن طريق نيولنسكي خدمته بواسطة القضية الأرمنية (?) وفي هذا الصدد يقول هرتزل: (طلب مني السلطان أن أقوم بخدمة له، وهي أن أؤثر على الصحف الأوروبية، بغية قيام الأخيرة بالتحدث عن القضية الأرمنية بلهجة أقل عداء للأتراك، أخبرت نيولنسكي حالاً باستعدادي للقيام بهذه المهمة، ولكني أكدت على إعطائي فكرة وافية عن الوضع الأرمني: من هم الأشخاص في لندن الذين يجب أن أقنعهم بما يريدون، وأي الصحف يجب أن نستميلها لجهتنا وغير ذلك) (?).

وعلى هذا الأساس، فقد نشطت الدبلوماسية الصهيونية لاقناع الأرمن بالتخلي عن ثورتهم. ونتيجة لذلك فقد اتصل هرتزل مع سالزبوري والمسؤولين الانكليز بغية استخدامهم للضغط على الأرمن، كما نشط اليهود في مدن أوروبية اخرى مثل فرنسا للقيام بنفس الدور. إلا أن دبلوماسية هرتزل قد أخفقت بسبب عدم تحمس بريطانيا، لأن ذلك كان يعني تأييد سياسة عبد الحميد، الأمر الذي يؤدي في إثارة الرأي العام البريطاني ضد الحكومة (?).

وقد حاول هرتزل لقاء عبد الحميد الثاني، ولاسيما أثناء الزيارة الثانية للامبراطور وليم الثاني الى القسطنطينية، إلا أن موظفي قصر يلدز منعوه من ذلك. واستمر هرتزل في محاولاته المستمرة حتى تكللت جهوده بالنجاح بعد سنتين (1899 - 1901م) من الاحتكاك المباشر مع الموظفين الكبار لقصر يلدز من مقابلة عبد الحميد، حيث قابل السلطان لمدة ساعتين وقد اقترح هرتزل قيام البنوك اليهودية الغنية في أوروبا بمساعدة الدولة العثمانية لقاء السماح بالاستيطان في فلسطين، بالإضافة الى ذلك فإنه قد أكد لعبد الحميد أنه سوف يخفف الديون العامة للدولة العثمانية وذلك منذ عام 1881م، وقد وعد هرتزل عبد الحميد أن يحتفظ بمناقشاته السرية معه (?).

كان السلطان عبد الحميد في خلال مقابلته مع هرتزل مستمعاً أكثر منه متكلماً وكا يرخي لهرتزل في الكلام كي بدفعه أن يتحدث بكل مايخطر في مخيلته من أفكار ومشروعات ومطالب. وقد أدى هذا الأمر الى أن يعتقد هرتزل بأنه نجح في مهمته هذه. ولكنه أدرك في نهاية الأمر بأنه قد أخفق مع عبد الحميد وأنه أخذ يسير في طريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015