وقد استطاعوا أن يأثروا في جمعية الاتحاد والترقي، وكان السلطان عبد الحميد الثاني عارفاً بحقيقة الدونمة ويؤكد هذه الحقيقة الجنرال جواد رفعت أتلخان، حيث يقول في هذا الصدد: (إن الشخص الوحيد في تاريخ الترك جمعيه، الذي عرف حقيقة الصهيونية والشبتائية وأضرارهما على الترك والاسلام وخطرها تماماً، وكافح معهما مدة طويلة بصورة جدية لتحديد شرورهم هو السلطان التركي العظيم كافح هذه المنظمات الخطيرة لمدة ثلاث وثلاثين سنة بذكاء وعزم وبإرادة مدهشة جداً كالأبطال) (?).
وفي حقيقة الأمر، أهتم عبد الحميد بإبقاء الدونمة في ولاية سالونيك، وعدم وصولهم الى الاستانة، بغية عدم السيطرة عليها والتجنب من تحركاتهم، ونتيجة للموقف الجاد من عبد الحميد إزاء فرقة الدونمة اتبعوا إستراتيجية مضادة له، حيث تحركوا ضده على مستوى الرأي العام العثماني والجيش (?).
ونتيجة لموقف عبد الحميد من الدونمة، قام يهود الدونمة بالتعاون مع المحافل الماسونية للإطاحة به، وقد استخدم هؤلاء شعارات معينة كالحرية والديمقراطية وإزاحة المستبد عبد الحميد، وعلى هذا الاساس قاموا بنشر الشقاق والتمرد في الدولة العثمانية بين صفوف الجيش. وكانت الغاية من هذا هي تحقيق المشروع الاستيطاني الصهيوني باستيطان فلسطين. وكان يهود الدونمة يشلكون اللبنة الأولى لتنفيذ المخططات اليهودية العالمية (?).
استطاع زعيم الحركة اليهودية الصهيونية العالمية (تيودر هزتزل) أن يتحصل على تاييد أوروبي للمسألة اليهودية من الدول (ألمانيا، وبريطانيا وفرنسا) وجعل من هذه الدول قوة ضغط على الدولة العثمانية تمهيداً لمقابلة السلطان عبد الحميد، وطلب فلسطين منه وكانت الدولة العثمانية تعاني من مشاكل مالية متعددة، إذ كانت الأحوال الاقتصادية في البلاد على درجة من السوء بحيث فرضت الدول الأوروبية الدائنة وجود بعثة مالية أوروبية في تركيا العثمانية للإشراف على أوضاعها الاقتصادية ضماناً لديونها، الأمر الذي دفع عبد الحميد الثاني أن يجد حلاً لهذه المعضلة.
كانت هذه الثغرة هي السبيل الوحيد أمام هرتزل، كي يؤثر على سياسة عبد الحميد