أوروبا مثل؛ نابليون الثالث في فرنسا، والملكة فكتوريا في إنجلترا، وليوبلد في الثاني في بلجيكا، وغليوم الأول في ألمانيا، وفرنسوا جوزيف في النمسا (?) وقد سبقت تلك الرحلة زيارته مع السلطان عبد العزيز الى مصر وانتبه أثناء وجوده في مصر الى الزيف الكاذب للبريق الأوروبي والأخذ هناك بالشكليات الأوروبية، مما جعل مصر تستدين وتغرق في الديون، نتيجة انطلاق الوالي الخديوي اسماعيل باشا في إسرافه ومحاولته جعل مصر قطعة من أوروبا، وأما رحلته الى أوروبا فقد استغرقت من 21 يونيو الى 7 أغسطس من عام 1867م. زار الوفد العثماني: فرنسا وإنكلترا وبلجيكا والدولة النمساوية المجرية.
وفي هذه الرحلة الأوروبية، تفتح ذهن عبد الحميد الى أمور كثيرة، انعكست على فترة حكمه كلها بعد ذلك. وهذه الأمور هي:
1 - الحياة الأوروبية بكل مافيها من طرق معيشة غريبة وأخلاقيات مختلفة وشكليات.
2 - التطور الصناعي والعسكري وبخاصة في القوات البرية الفرنسية والألمانية وفي القوات البحرية البريطانية.
3 - ألاعيب السياسة العالمية.
4 - تأثير القوى الأوروبية على سياسة الدولة العثمانية، وبخاصة تأثير نابليون الثالث على عمه السلطان عبد العزيز، وضغط نابليون عليه، ليلتزم بمساندة الوزير علي باشا. رغم أن السلطان عبد العزيز لم يكن يُشعر أحداً أنه تحت تأثير أي قوة غريبة (?).
اقتنع الأمير عبد الحميد في هذه الرحلة: أن فرنسا دولة لهو، وإنكلترا دولة ثروة وزراعة وصناعة. أما ألمانيا فيه دولة نظام وعسكرية وإدارة وكان إعجابه بألمانيا كثيراً، لذلك عهد بتدريب الجيش العثماني إليها -عندما أصبح سلطاناً- ولقد تأثر الأمير عبد الحميد بهذه الرحلة ودفعه ذلك التأثر الى الاهتمام بإدخال المخترعات الحديثة في دولته في مختلف نواحي الحياة: تعليمية وصناعية ووسائل إتصالات وعسكرية، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: شراؤه غواصتين وكان سلاح الغواصات جديداً. وأدخل التلغراف الى بلاده من ماله الخاص، وأنشأ المدارس الحديثة، وأدخل فيها العلوم العصرية، وأدخل الى البلاد أول سيارة وأول دراجة، وأخذ بنظام القياس المتري. لكنه وقف بحزم ضد سريان الفكر الغربي في البلاد (?).