جانب تمكين دعاة الثقافة الأوروبية من السيطرة على الحياة الفكرية بعد أن شل دعاة الاتجاه الاسلامي (?)، وأوقف مناهج التعليم القائمة على الدين تنفيذاً لسياسية نابليون الماسونية، وهو أمر أكده المؤرخ الانجليزي أرنولد تويني في قوله: (كان محمد علي ديكتاتوراً أمكنه تحويل الآراء النابليونية الى حقائق فعالة في مصر) (?).

لقد حقق الاستعمار الأوروبي هدفه في الاستفادة من المنشآت والاصلاحات المادية التي قام بها دميتهم محمد علي، أما شعب مصر المسلم فقد سيطر عليه اليأس ودفع ثمناً باهظاً يفوق حجم كل اصلاح وهو تحطيم هويته الحضارية التي صقلها الاسلام والتي ميزت دروه خلال العصور الاسلامية (?).

وفتح باب الدعوة الى الوطنية والقومية ومارس سياسة التضيق على دعاة الفكر الاسلامي من العلماء والمشايخ فكان هذا الاتجاه مسايراً لمساعيه الرامية الى الاستقلال بمصر وبالتالي إبعادهاعن الارتباط بدولة الخلافة الاسلامية (?)، وقد لقي في اتجاهه هذا عوناً من المحافل الماسونية التي يعتبر هذا الاتجاه من صلب أهدافها.

ومن أبرز الذين عاونوه في هذا الاتجاه الشيخ حسن العطار سنة 776هـ/1835م الذي تشير الدلائل على انضمامه للمحفل الماسوني المصري، فقد كان العطار يري أن البلاد (لابد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ماليس فيه)، وكانت وجهته في هذا التغيير هو الاتجاه الكامل الى الثقافة الأوروبية بعد ان عجز - في رأيه- المشايخ والعلماء عن مواصلة جهود المسلمين الأوائل (?).

وتبع العطار في اتجاه تلميذه رفاعة الطهطاوي (1801 - 1873م) حيث ابتعثه محمد علي الى فرنسا خمس سنوات (1826 - 1831م) عاد بعدها لنشر ما يزكي الفكرة الوطنية وغيرها من الافكار الاجتماعية التي عايشتها فرنسا والتي لم تكن تتلاءم مع أوضاع المجتمع المرتبط بالفكر الاسلامي، وقد بدت هذه الافكار في العديد من القصائد التي نظمها وكذلك الكتب التي ترجمها بعد توليه الاشراف على مدرسة الألسن (?)، لقد تاثر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015