جانبين هامين الأول هو تمسكه بالدين والثاني في وحدة بلادهم في ظل حكومة إسلامية مطاعة مهابة، وقد أكد رجال الحملة الفرنسية إدراكهم لهذين العاملين حين أعلن نابليون وبعض رجاله (?) اعتناقهم للإسلام واحترام تعاليمه وزواجهم من مسلمات كي يتخذوا من ذلك ذريعة للتقرب للعوام أملاً في الاستقرار، وقد بدأ ذلك واضحاً في المنشور الأول الذي أعلنه نابليون على شعب مصر حيث ذكر: (أيها المصريون قد قيل لكم أنني ما نزلت لهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه وقولوا للمغترين أنني ما قصدت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وأنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترم نبيه والقرآن العظيم) (?).
كما سعى رجال الحملة الى زعزعة الدين في نفوس الشيوخ والعلماء المسلمين بعرض نماذج من الحضارة الغربية عليهم، أما العامل الثاني وهو الرامي الى تمزيق وحدتهم فقد بدا واضحاً في سعي الفرنسيين لتجنيد قوة مسلحة من مسيحي مصر قادها "المعلم يعقوب" لمساعدة الحملة في ضرب الثورة الشعبية التي قادها العلماء، والوقوف أمام قوات الخلافة العثمانية الاسلامية (?).
نجح الفرنسيون في استثارة العناصر القبطية المسيحية على معاونة الحملة بمختلف الوسائل، واعتبر بعض الكتاب المسيحيين أن الفائدة التي جنتها مصر خلال سني الحملة الثلاث أكثر من القرون الطويلة للحكم العثماني وقد أشاد البعض من هؤلاء العملاء بدور الخسة والنذالة الذي قام به المعلم يعقوب في تعاونه مع الفرنسيين ضد العثمانيين واعتبروه "تعاوناً يستحق بموجبه أن يقام له تمثال من ذهب في أكبر ميادين القاهرة ويكتب عليه أنه أول من نادى باستقلال مصر في العصر الحديث" (?). كان هذا الموقف من النصارى معادياً لرغبة الأغلبية المسلمة بنفس القدر مايمكن ادراكه من اتجاه أغلب المفكرين النصارى العدائي للأغلبية المسلمة في مصر المعاصرة والذي يبدو جلياً في تأييدهم لخيانة بلادهم طالما هي ضد الوجود الاسلامي، وحتى بمفهوم الوحدة الوطنية الذين يسعون للتمسح به فإن