المبحث الأول
السلطان بايزيد الثاني
بعد وفاة السلطان محمد الفاتح تولى ابنه بايزيد الثاني (886هـ - 918هـ) السلطة في البلاد وكان سلطاناً وديعاً، نشأ محباً للأدب، متفقهاً في علوم الشريعة الإسلامية شغوفاً بعلم الفلك. واستعان بالخبراء الفنيين اليونانيين والبلغاريين في تحسين شبكة الطرق والجسور لربط أقاليم الدولة ببعضها (?).
كان الأمير جم عندما بلغه وفاة أبيه يقيم في بروسة، وقد استطاع أن يتحصل على اعتراف السكان به سلطاناً على الدولة العثمانية في المناطق الخاضعة له، وبعد أن استتب له الأمر في بروسه وماحولها، أرسل إلى أخيه بايزيد يطلب منه عقد الصلح، ويقترح عليه التنازل، ورفض السلطان بايزيد ذلك لأن والده أوصى له بالحكم من بعده، لكن الأمير جم لم يقتنع بذلك فعاد واقترح على أخيه بايزيد تقسيم الدولة العثمانية إلى قسمين: القسم الأوربي لبايزيد والقسم الآسيوي له، ولكن بايزيد رفض أيضاً مبدأ التقسيم من أساسه لأن ذلك سوف يعمل على تفتيت الدولة التي سهر أسلافه على بنائها وتوحيدها، وأصر على أن تبقى الدولة موحدة تحت سلطته وأعد جيشاً ضخماً وسار به إلى بروسه وهاجمها وفر منها جم إلى سلطان المماليك قايتباي في مصر (?) فرحب به وأكرمه وأمده بجميع ما احتاجه من أموال للسفر مع أسرته إلى الحجاز لأداء فريضة الحج. ولما عاد من الأراضي المقدسة إلى مصر أرسل إليه السلطان بايزيد يقول له: (بما أنك اليوم قمت بواجباتك الدينية في الحج، فلماذا تسعى إلى الأمور الدنيوية، من حيث أن الملك كان نصيبي بأمر الله، فلماذا تقاوم إرادة الله؟ فأجابه بقوله: هل من العدل أن تضطجع على مهد الراحة والنعيم وتقضي أيامك بالرغد واللذات، وأنا أحرم من اللذة والراحة وأضع رأسي على الشوك (?)؟ وقام جم بالاتصال بكبار