الذين كانوا في المؤخرة وصفدوهم بالحديد (?).
وعندما وصل خبر وفاة السلطان إلى روما ابتهج البابا وأمر بفتح الكنائس وأقيمت فيها الصلوات والاحتفالات، وسارت المواكب العامة تجوب الشوارع والطرقات وهي تنشد أناشيد النصر والفرح بين طلقات المدافع وظلت هذه الاحتفالات والمهرجانات قائمة في روما طيلة ثلاثة أيام، لقد تخلصت النصرانية بوفاة محمد الفاتح من أعظم خطر كان يهددها (?).
لم يكن أحد يعلم شيئاً عن الجهة التي كان سيذهب إليها السلطان الفاتح بجيشه، وذهبت ظنون الناس في ذلك مذاهب شتى. فهل كان يقصد رودس ليفتح هذه الجزيرة التي امتنعت على قائده مسيح باشا؟ أم كان يتأهب للحاق بجيشه الظافر في جنوبي إيطاليا ويزحف بنفسه بعد ذلك إلى روما وشمالي إيطاليا ففرنسا وإسبانيا؟
لقد ظل ذلك سراً طواه الفاتح في صدره ولم يبح به لأحد ثم طواه الموت بعد ذلك (?).
لقد كان من عادة الفاتح أن يحتفظ بالجهة التي يقصدها ويتكتم أشد التكتم ويترك أعداءه في غفلة وحيرة من أمرهم، لايدري أحدهم متى تنزل عليه الضربة القادمة ثم يتبع هذا التكتم الشديد بالسرعة الخاطفة في التنفيذ فلا يدع لعدوه مجالاً للتأهب والإستعداد (?) وذات مرّة سأله أحد القضاة أين تقصد بجيوشك فأجابه الفاتح: " لو أن شعرة في لحيتي عرفت ذلك لنتفتها وقذفت بها في النار ... " (?).
إن من أهداف الفاتح أن يمضي بفتوحات الإسلام من جنوب إيطاليا إلى أقصاها في الشمال ويستمر في فتوحاته بعد ذلك إلى فرنسا وأسبانيا وماوراءها من الدول والشعوب والأمم.
لقد تأثر المسلمون في العالم الإسلامي لوفاة محمد الفاتح وحزنوا عليه حزناً عميقاً وبكاه المسلمون في جميع أقطار المعمورة، لقد بهرتهم انتصاراته، واعاد إليهم سيرة المجاهدين الأوائل من السلف الصالح (?).
قال عن وفاته عبد الحي بن العماد الحنبلي في وفيات سنة ست وثمانين وثمانمائة: ( .. كان