وقد تميز عصر السلطان محمد الفاتح بجانب قوة الجيش البشرية وتفوقه العددي، بإنشاءات عسكرية عديدة ومتنوعة، فأقام دور الصناعة العسكرية لسد احتياجات الجيش من الملابس والسروج والدروع ومصانع الذخيرة والأسلحة، وأقام القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية، وكانت هناك تشكيلات عسكرية متنوعة في تمام الدقة وحسن التنظيم من فرسان ومشاة ومدفعية وفرق مساعدة، تمد القوات المحاربة بما تحتاجه من وقود وغذاء وعلف للحيوان واعداد صناديق الذخيرة حتى ميدان القتال، وكان هناك صنف من الجنود يسمى " لغمجية " وظيفته الحفر للالغام وحفر الانفاق تحت الأرض أثناء محاصرة القلعة المراد فتحها وكذلك السقاؤون كان عليهم تزويد الجنود بالماء ولقد تطورت الجامعة العسكرية في زمن الفاتح وأصبحت تخرج الدفعات المتتالية من المهندسين والأطباء والبيطريين وعلماء الطبيعيات والمساحات، وكانت تمد الجيش بالفنيين المتخصصين وقد أكسب هؤلاء العثمانيين شهرة عريضة في الدقة والنظام (?).
لقد حرص السلطان محمد على تطوير الجيش البري والقوة البحرية وظهرت أهميتها منذ فتح القسطنطينية، حيث كان للأسطول البحري العثماني دور واضح في احكام حصارها وتطويقها من البحر والبر جميعاً وبعد فتح القسطنطينية ضوعفت العناية بالسلاح البحري، فلم تمضي إلا مدة من الزمن حتى سيطر الأسطول العثماني على البحرين الأسود والأبيض وعندما نطالع كتاب (حقائق الأخبار عن دول البحار) لمؤلفه اسماعيل سرهنك، نلاحظ اهتمام السلطان محمد الفاتح بالبحرية العثمانية، وانه كان اهتماماً بالغاً استحق معه أن يعده المؤرخون مؤسس الاسطول البحري العثماني، ولقد استفاد من الدول التي وصلت إلى مستوى رفيع في صناعة الأساطيل مثل الجمهوريات الإيطالية وبخاصة البندقية وجنوا أكبر الدول البحرية في ذلك الوقت (?) وعندما وجد في سيئوب سفينة ضخمة نادرة المثال أمر السلطان محمد بأخذها وبناء سفن على نمطها مع ادخال التحسينات عليها (?).
وكان الأسطول العثماني تشرف الترسانة على إدارته وكانت احد فروع الخاصة وتسمى بطافة العزب، ويبلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف جندي بحري تتألف من: القبطان، وقواد السفن، والضباط، والبحارة (?).