الملائكة رواه عنه إبراهيم (?). ولذ جاءت الرواية من تفسير إبراهيم نفسه بالاقتصار على قول ابن عباس ولم يزد عليه شيئاً فقال: أعوان ملك الموت (?)، وكذا جاء عن قتادة، ومجاهد والربيع (?).
ب ـ وإذا كان التفسير الوارد عن الصحابي من باب الاجتهاد، وجار على مقتضى اللغة، فإنهم في الغالب لا يخالفونه، فإن الصحابة أهل اللسان والبيان والفهم، ولأجل ذلك اعتمد مجاهد تفسير ابن عباس دون غيره عندما تعرض لتفسير قوله تعالى: ((فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)) (الأنعام، آية: 98). فقد قال ابن عباس: المستقر بالأرض والمستودع عند الرحمن (?). وجاءت رواية عن ابن عباس: أن المستقر في الرحم، والمستودع في الصلب (?)، موافقة للرواية الثانية لشخصية، وهكذا كان حال ابن جبير في تفسير الآية (?).
ج ـ إذا تعارضت الأقوال المنقولة في الصحابة، فإن التابعين يسلكون مسلك الترجيح بينها، والترجيح قد يكون باللغة، أو بالحديث أو بقول صحابي آخر يجمع بين الأقوال، فمن الأول ما جاء في تفسير قوله تعالى: ((أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)) (الإسراء، آية: 78). جاء عن ابن عباس في تفسيرها أن دلوكها غروبهاً (?)، وجاء عنه أن دلوكها: زيغها بعد نصف النهار (?)، وجاء عن ابن مسعود أن دلوكها غروبها (?)، وجاء عنه أيضاً أن دلوكها ميلها يعني: الزوال (?). فاختار قتادة أن دلوكها زوالها، ففسرها به (?)، مع أنه نقل القول بغروبها عن ابن مسعود (?)، ولعل سبب هذا الاختيار هو أن اللغة تدل على أن الدلوك هو الميل، فيكون المراد صلاة الظهر، ورجحه ابن جرير، وناقش الأول (?)، وقد يكون الترجيح لأثر مرفوع، ومنه ما جاء عن قتادة وهو يحدث عن سعيد بن المسيب، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى، وشبك بين أصابعه (?)، فرجح الحسن أنها صلاة العصر (?)، متابعاً في ذلك عدداً من الصحابة رضي الله عنهم، والمرجح هنا هو الأثر المرفوع الذي رواه الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر (?). وقد يكون الترجيح بقول صحابي آخر يقدِّم به عموم الآية على ما. ما ورد في خصوصها، ويجمع به بين الأقوال، فمن ذلك