الشرعية مثل قول الله جل وعلا ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِير)) (التحريم، آية: 9). وإنما يكون جهاد المنافقين بالإنكار عليهم والشدة في معاملتهم (?)

ويصحح عمر في هذا الكتاب مفهوماً خاطئاً عند بعض الناس، وهو وصفهم القاعد عن إنكار المنكر بأنه حسن الخلق قليل التكلف مقبل على نفسه، حيث يبين أن هذا سيء الخلق، حيث يتعامل مع المخالفين بالسلبية وعدم المبالاة مع أنهم بحاجة إلى الشفقة والرحمة، وإنما يظهر ذلك بمحاولة إصلاحهم، ويرد على قولهم بأنه قليل التكلف مقبل على نفسه بأنه لم يقبل على نفسه بمحاولة إنقاذها من النار ورفع درجتها في الجنة بل أقبل على هلكتها، حيث أن السكوت عن الإنكار معصية يحاسب عليها مرتكبها وقد تورده إلى النار، وإذا كان في مفهوم الناس أن الساكت قليل التكلف فإنه قد تكلف أمراً عظيماً حيث خالف أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بما وجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (?)، وكانت كتب عمر بن عبد العزيز كلها في إصلاح المجتمع كما جاء في خبر إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: ما كان يقدم على أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم كتاب من عمر إلا فيه رد مظلمة أو إحياء سنة أو إطفاء بدعة أو قَسْم أو تقدير عطاء أو خير، حتى خرج من الدنيا (?).

2 ـ تذكيره الناس بالآخرة:

2 ـ تذكيره الناس بالآخرة: خطب عمر بن عبد العزيز ذات يوم فقال: إني لم أجمعكم لأمر أحدثته، ولكني نظرت في أمر معادكم وما أنتم أليه صائرون فوجدت المصدِّق به أحمق، والمكذب به هالكاً ثم نزل (?). وهذه خطبة بليغة على قصرها، فإنها تذكرة حية بمصير الإنسان بعد الموت، فالذي يؤمن بالبعث بعد الموت وما قبله من عذاب القبر ونعيمه وما بعد ذلك من الحساب والمصير إلى النعيم الدائم أو إلى الشقاء الدائم، ثم لا يعد العدة الكافية لذلك اليوم يعتبر حقاً أحمق حيث لم يستعمل عقله في الإعداد لمستقبله بعد الموت مع إيمانه بما سيكون فيه (?)، ومن خطبه في تذكير الناس بالموت والآخرة، فقد بين عمر في بعض خطبه أن الإنسان خلق للأبد ولكنه من دار إلى دار قال عمر: إنما خلقتم للأبد، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون (?). وقال في إحدى خطبه: يا أيها الناس، لا تغرنكم الدنيا والمهلة فيها، فعن قليل عنها تنقلون وإلى غيرها ترحلون، فالله الله عباد الله في أنفسكم فبادروا بها الفوت قبل حلول الموت، ولا يطل بكم الأمد، فتقسوا قلوبكم فتكونوا كقوم دعو إلى حظهم فقصروا عنه بعد المهلة، فندموا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015