روى بإسناده عن طرف بن عبد الله، قال: سمعت مالك بن أنس إذا ذكر عنده من يدفع أحاديث الصفات يقول: قال عمر بن عبد العزيز ويذكر الأثر سن رسول الله ولاة الأمر من بعده .. وقال الشاطبي متحدثاً عن هذا الأثر: إنه كلام مختصر جمع أصولاً حسنة من السنة منها قطع مادة الابتداع جملة. ومنها المدح لمتبع السنة وذم لمن خالفها ومنها أن سنة ولاة الأمر وعملهم تفسير لكتاب الله وسنة رسوله فقد جمع كلام عمر أصولاً حسنة وفوائد مهمة (?)، وقد أورد الإمام أحمد في كتابه ((الرد على الجهمية)) أثر عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر (?) التنقل، وقد أخذت المعتزلة من الجهمية نفي صفات الله والقول بخلق القرآن وهذا الاتفاق بين الجهمية والمعتزلة على نفي صفات الله والقول بخلق القرآن جعل كثيراً من محققي علماء المسلمين يسمون المعتزلة جهمية ولهذا لا بد من الحذر عند اطلاق أسماء الفرق بعضها على بعض، لأنه لا يكاد توجد فرقة إلا وتشترك مع أخرى في جانب من الاعتقاد، فلو تجوزنا في إطلاق اسم هذه الفرقة على من شاركها لحصل الإلتباس وما استقام المنهج أبداً، إذن لا بد من إطلاق اسم الفرقة على المسمى الصحيح بحيث لا يستعار لغيرها البتة وهذا من ناحية علمية أدق وأسلم (?).
سادساً: المعتزلة: اسم يطلق على تلك الفرقة التي ظهرت في الإسلام في أوائل القرن الثاني على يد واصل بن عطاء (?)، وسلكت منهجاً عقلياً صرفاً في بحث العقائد، وقررت أن المعارف كلها عقلية حصولاً، ووجوباً، قبل الشرع وبعده، وهم أرباب الكلام، وأصحاب الجدل (?).
دخل رجل على الحسن البصري فقال: يا إمام الدين، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون مصير أصحاب الكبائر لأمر الله تعالى، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟ ففكر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب قال واصل: أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام لفوره،