2 ـ نشأة القول بالقدر في الإسلام:

عن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث أخاف على أمتي الاستسقاء بالأنوار، وحيف السلطان، وتكذيب بالقدر (?)، كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من المراء والجدل في الدين عموماً وفي القدر على جهة الخصوص، وعن ضرب آيات الله والأحاديث الصحيحة بعضها ببعض، وعن إثارة الشبهات والمعارضات في نصوص القدر من ذلك ما رواه أحمد في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: خرج رسول الله ذات يوم والناس يتكلمون في القدر قال: فكأنما تفقأ في وجهه حبّ الرمان من الغضب قال: فقال لهم: مالكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟ بهذا هلك من كان قبلكم (?).

ب ـ تتابع الفرق ومقالاتها في القرن الأول إلى ظهور القدرية:

بعد ظهور الفرق الأولى سنة (37 ـ 40هـ) الخوارج والشيعة بقي الحال على هذا إلى ما بعد سنة (62هـ) حيث بزغ نجم القدرية النصرانية والمجوسية حين نبغ بها بعد معبد الجهني ثم توالت المقولات على منوالها تترى، أو كما قال ابن تيمية: فالبدع تكون في أولها شبراً ثم تكثر في الأتباع حتى تصير أذراعاً وأميالاً وفراسخ (?).

ج ـ ظهور القدرية الأولى: وتتمثل في مقولات معبد الجهني ت (80) هـ وأتباعه، ثم غيلان الدمشقي وأتباعه (105) هـ وتتلخص بأن الله تعالى (بزعمهم) لم بقدِّر أفعال العباد ولم يكتبها، وأن الأمر أنف (أي مستأنف) لم يكن في علم الله ولا تقديره السابق، وكانت بدايات كلامهم في هذا بعد سنة 63هـ وهو تاريخ نشأة القدرية الأولى، إذن فالقدرية الأولى هم: الذين أنكروا علم الله السابق، وزعموا أنه تعالى لم يقدر أفعال العباد سلفاً ولم يعلمها ولم يكتبها في اللوح المحفوظ، وأن الأمر أنف (أي مستأنف) ليس بتقدير سابق من الله تعالى مما استقل العباد بفعلها وهذه مقولة غالية في القدر حيث تنكر العلم والكتابة وتقدير عموم أفعال المكلفين خيرها وشرّها فيما يظهر، هذا أول أمرهم، فلما أنكر الأئمة هذا القول صار جمهور القدرية يقرون بالعلم المتقدم والكتاب السابق، لكن ينكرون عموم مشيئة الله وقدرته وخلقه لأفعال العباد فأنكروا أن يكون الله خالقاً لأفعال العباد أو بعضها وقالوا: إن الله لا يخلق الشر، هذا ما استقرت عليه القدرية الثانية وعلى رأسهم المعتزلة (?).

وكانت مقالات القدرية الأولى تتخلص في قولين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015