والمعنوية، حرصاً منه على إتباع ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه وحباً منه لإتباع السلف الصالح (?) رضوان الله عليهم وأما ما تذكره كتب التاريخ أن ولاة بني أمية قتل عمر بن عبد العزيز كانوا يشتمون علي وهذا الأثر الذي ذكره ابن سعد لا يصح، قال ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن لوط بن يحي قال: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلاً رضي الله عنه، فلما ولي هو ـ عمر بن عبد العزيز ـ أمسك عن ذلك فقال كثير عزة الخزاعي:

وليت فلم تشتم علياً ولم تخف ... برياً ولم تتبع مقالة مجرم

تكلمت بالحق المبين وإنما ... تبين آيات الهدى بالتكلم

فصدَّقت معروف الذي قلت ... بالذي فعلت فأضحى راضياً كل مسلم (?)

فهذا الأثر واهٍ، فعلي بن محمد هو المدائني فيه ضعف وشيخه لوط بن يحي واهٍ بمرة، قال عنه يحي بن معين: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: متروك الحديث وقال الدارقطني أخباري ضعيف ووصفه صاحب الميزان: أخباري تالف لا يوثق به (?). وعامة رواته عن الضعفاء والهلكى والمجاهيل (?) وقداتهم الشيعة معاوية رضي الله عنه بحمل الناس على سب علي رضي الله عنه ولعنه فوق منابر المساجد، فهذه الدعوة لا أساس لها من الصحة، والذي يقصم الظهر أن الباحثين قد التقطوا هذه الفرية على هوانها دون إخضاعها للنقد والتحليل، حتى صارت عند المتأخرين من المُسلَّمات التي لا مجال لمناقشتها علماً بأنها ولم تثبت قط في رواية صحيحة، ولا يعول على ما جاء في كتب الدميري، واليعقوبي، وأبي الفرج الأصفهاني، علماً بأن التاريخ الصحيح يؤكد خلاف ما ذكره هؤلاء (?)، ومن احترام وتقدير معاوية لأمير المؤمنين علي وأهل بيته الأطهار، فحكاية لعن علي على منابر بني أمية لا تتفق مع منطق الحوادث ولا طبيعة المتخاصمين، فإذا رجعنا إلى الكتب التاريخية المعاصرة لبني أمية، فإننا لا نجد فيها ذكراً لشيء من ذلك أبداً، وإنما نجده في كتب المتأخرين الذين كتبوا تاريخهم في عصر بني العباس بقصد أن يسيئوا إلى سمعة بني أمية في نظر الجمهور الإسلامي وقد كتب ذلك المسعودي في مروج الذهب وغيره من كتّاب الشيعة وقد تسربت تلك الأكذوبة إلى كتب تاريخ أهل السنة ولا يوجد فيها رواية صحيح، فهذه دعوة مفتقرة إلى صحة النقل، وسلامة السند من الجرح، والمتن من الاعتراض، ومعلوم وزن هذه الدعوة عند المحققين والباحثين، ومعاوية رضي الله عنه بعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015