وأن الله تبارك وتعالى يجمع كل الخلائق وبيان الحكمة من ذلك وبيان شدة هذا اليوم على الكفار هو مدلول الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى هنا، ولا شك أن الإيمان بالمعاد من أهم العقائد التي تميز بها الإسلام، وقد تحدث القرآن الكريم عن الإيمان بالمعاد، إما تصريحاً وتأكيداً أو تلميحاً وإشارة وقد بين الله تبارك في كثير من آيات الكتاب وجوب الإيمان بالبعث وبين في بعضها الرد على من ينكر حشر الأجساد بحجج عقلية لا يمكن للمنكرين إلا الإذعان لها أو المكابرة (?)، قال تعالى ((اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) (الروم، آية: 11) وقال عز وجل: ((ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ)) (المؤمنون، الآيات: 16) وقال في منكري البعث ((أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)) (ياسين، آية: 77ـ79). وقال تعالى: ((أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)) (القيامة، الآيات: 36ـ40). كما ثبت في الأحاديث الإيمان بالبعث منها ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صحابة ولا ولداً (?). ومضمون هذه النصوص هو المأثور عن عمر (?).
3 ـ الميزان: قال عمر بن عبد العزيز: أو ما رأيتم حالات الميت؟ وجهه مفقود وذكره منسي، وبابه مهجور، كأن لم يخالط إخوان الحفاظ ولم يعمر الديار: واتقوا يوماً لا يخفي فيه مثقال ذره في الموازين (?). قال: .. أعوذ بالله أن أمركم بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي وتظهر عولتي وتبدو مسكنتي في يوم يبدو فيه الغنى والفقر، والموازين منصوبة (?).
وعن بجدل الشامي عن أبيه وكان صاحباً لعمر بن عبد العزيز قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يتلو على هذه الآية ((وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)) (الأنبياء، الآية: 47) حتى ختمها فمال على أحد شقيه يريد أن يقع (?). فهذه الآثار تدل على أن بعد القيام من القبور والذهاب إلى المحشر، ونزول الرب تبارك وتعالى ـ يليق بجلاله ـ لفصل القضاء ينصب الميزان، وهو