أـ في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث لهذه الأمة (?): إن هذا المبعوث لم يعد همه نفسه فقط، بل تجاوز ذلك ليعيش لهذه الأمة، فهو صاحب عزيمة وهمة يعيش هموم أمته ويبذل قصارى جهده مواصلاً عمل النهار بالليل، لينقذ هذه الأمة من وهدتها، ويعيد لها ثقتها بدينها، ويردها إلى المنهج الصحيح، مصابراً على ما يعترض سبيله من عقبات ومغالباً كل المشقات والتحديات، ليصل إلى رفعة هذه الأمة وعودة مجدها (?).

ب ـ قوله: على رأس كل مائة سنة (?)

الرأس في اللغة يمكن أن يراد به أول الشيء، كما أن يمكن أن يراد به آخره (?)، وقد اختلف العلماء في المراد من الرأس في هذا الحديث، فقال بعضهم: المراد: أول المائة وقال آخرون: المراد آخرها (?)، وهذا ما اختاره ابن حجر (?)، والطيبي (?)، والعظيم آبادي (?)، وقد احتج العظيم آبادي لاختياره بكون الإمامين الزهري وأحمد بن حنبل وغيرهما من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، اتفقوا على أن من المجددين على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وعلى رأس المائة الثانية الإمام الشافعي رحمه الله، وقد توفي عمر بن عبد العزيز سنة احدى ومائة، وله أربعون سنة، ومدة خلافته سنتان ونصف، وتوفي الشافعي سنة أربع ومائتين (?)، ولا يمكن عد عمر بن عبد العزيز مجدد المائة الأولى اعتباره أولها لأنه لم يكن مولوداً أولها فضلاً عن أن يكون مجددها وكذا الإمام الشافعي لم تكن ولادته بداية المائة الثانية فضلاً عن أن يكون مجددها (?).

ج ـ هل يشترط لعد المجدد أن تقع وفاته على رأس المائة؟

يشترط بعض العلماء لاستحقاق المجدد هذا الوصف أن تقع وفاته على رأس القرن، إلا أن هذا الرأي مرجوح لأن كلمة (البعث) في الحديث تدل على الإرسال والإظهار والموت قبض وزوال، فالمقصود من الحديث: أن المجدد من تأتي عليه نهاية القرن وقد ظهرت أعماله التجديدية، واشتهر بالصلاح وعمّ نفعه، ولا يشترط أن تقع وفاته قبيل نهاية القرن أو أن يبقى حياً حتى يدخل عليه القرن التالي (?).

س ـ هل مجدد القرن واحد أو متعدد؟

أثار قوله صلى الله عليه وسلم: من يجدد لها دينها سؤالاً في الماضي والحاضر، هو: هل المقصود بلفظة (من) الواردة في الحديث فرداً واحداً من أفراد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015