الخلافة قال: إني أذكر ابأوه وتيهه، ثم قال: اللهم إني قد وضعته لك فلا ترفعه، فما رئي شريف قد خمد ذكره مثله حتى لا يذكر (?)، وقد دعا عمر رحمه الله حين حج وأخبر قبل دخوله إلى مكة بقلة الماء فيها، فدعا عند ذلك، فأجاب الله دعاءه، فسقوا وهذا حين كان أمير على المدينة (?)، كما دعا على غيلان القدري حين ناظره فقال: اللهم إن كان عبدك غيلان صادقاً وإلا فأصلبه، فصلب بعد في خلافة هشام بن عبد الملك (?).

ثانياً: معالم التجديد عند عمر بن عبد العزيز:

يرى المتتبع لأقوال العلماء والمؤرخين والمهتمين بدراسة الحركة التجديدية، إجماعاً تاماً على عدّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام (?)، وكان أول من أطلق عليه ذلك الإمام محمد بن شهاب الزهري، ثم تبعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقال: يروى في الحديث إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة أمر دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز (?)، وتتابع العلماء على عدّه أول المجددين وذكر بعض أهل العلم هو من المقصودين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها (?). ولا شك أن عمر بن عبد العزيز خليق بأن يكون ممن يحمل عليه هذا الحديث، فقد كان عالماً عاملاً، همه كله، وعزمه، وهمته، آناء الليل والنهار إحياء السنن وإماتة البدع ومحدثات الأمور ومحوها، وكسر أهلها باللسان، والسنن (?)، يقول ابن حجر العسقلاني: إن إجمّاع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على راس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده فالشافعي، وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل (?). ومع أن بعض العلماء رأى أن مقام المجدد الكامل لا يستحقه إلا مهدي آخر الزمان، وأنه لم يولد في الأمة المسلمة مجدد كامل حتى الآن، وإن كان عمر بن عبد العزيز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015