الخشن، وترك مظاهر البذخ والإسراف التي سادت قبله وأمر ببيعها وأدخل أثمانها في بيت مال المسلمين (?)، وهكذا فعل بالجواري والعبيد حيث رد الجواري إلى أصحابهن إن كن من اللاتي أخذن بغير حق ووزع العبيد على العميان وذوي العاهات وحارب كل مظاهر الترف والبذخ، والإسراف (?)، وأما ما قيل عن زهده بالنسبة للنكاح، فقد روى ابن عبد الحكم فقال: وقالت فاطمة زوجته ما اغتسل من جنابة منذ ولي حتى لقي الله غير ثلاث مرات، ويقال: ما اغتسل من جنابة حتى مات (?)، فهذا ينافي ما اشتهر به عمر بن عبد العزيز من حبه الشديد لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فيستبعد منه رحمه الله أن يترك السنة، وأن يقع في ظلم زوجاته وحقوقهن، فإن ترك الزواج وتحريم ذلك لا علاقة له بالزهد الإسلامي الذي بينه رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو دخيل على المجتمع المسلم، وهو ما تفتخر به بعض الفرق المنحرفة عن الإسلام وتدعي أنه من الزهد الإسلامي، ولهم في ذلك حكايات لا يشك من تأملها أنها لا تمت إلى الإسلام بصلة، ولهم في ذلك وصايا عجيبة وتوجيهات غريبة، فمن أقوالهم:
ـ من ترك النساء والطعام فلابد له من ظهور كرامة.
ـ من تزوج فقد أدخل الدنيا بيته، فاحذروا من التزويج.
ـ لا يبلغ الرجل إلى منازل الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة وأولاده كأنهم أيتام، ويأوي إلى منازل الكلام.
ـ من تعود أفخاذ النساء لا يفلح.
ـ من تزوج فقد ركن إلى الدنيا (?). إلى غير ذلك من العجائب والغرائب وهذا المفهوم يخالف الإسلام دين التوسط والاعتدال، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن رغب عن سنتي فليس مني (?). وجملة القول أن زهد عمر بن عبد العزيز كان مقيداً بالكتاب والسنة وأن كثيراً مما نسب إليه في هذا الباب لا يصح لمخالفته هدى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن زهد عمر بن عبد العزيز في جمع المال، فقد كان على النقيض ممن يلي منصباً في وقتنا الحاضر فقد كانت غلته حين استخلف أربعين ألف دينار، ثم أصبحت حين توفي أربعمائة دينار، ولو بقي لنقصت (?)، حيث لم يرتزق رحمه الله من بيت المسلمين شيئاً (?)، فقد كان رحمه الله من زهاد زمانه إن لم يك أزهدهم، فكان يقول: إن الدنيا لا تسر بقدر ما تضر، تسر قليلاً وتحزن طويلاً (?). وأخباره في