5 ـ المساواة: قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) (الحجرات، الآية: 13). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى (?)،، وقد قام عمر بن عبد العزيز بتطبيق هذا المبدأ في دولته، وكان أول مؤشر على رغبته في تطبيق مبدأ المساواة، حين أقسم أنه يودُّ أن يساوي في المعيشة بين نفسه ولحمته التي هو منها وبين الناس (?)، فقال: أم والله لوددت أنه بُدئ بي، وبلحمتي، التي أنا منها، حتى يستوي عيشنا وعيشكم، أم والله، أم والله لو أردت غير هذا من الكلام، لكان اللسان به منبسطاً ولكنت بأسبابه عارفاً (?). وقال في خطبة له: .. وما منكم من أحد تبلغنا حاجته إلا أحببت أن أسد من حاجته، ما قدرت عليه (?). كما أن عمر اتخذ مبدأ المساواة بين الناس، في الحقوق والواجبات في كافة مجالات الحياة، فلم يميز بين الناس في حقهم في تولي الوظائف والولايات، ولم يعط أحداً كائناً من كان شيئاً ليس له فيه حق، فقد ساوى بين أمراء وأشراف بني أمية وبين الناس، فمنع عنهم العطايا والأرزاق الخاصة، وقال لهم حين كلموه في ذلك: لن يتسع مالي لكم، وأما هذا المال ـ يقصد المال الذي في بيت مال المسلمين ـ فإنما حقكم فيه كحق رجل، بأقصى برك الغماد (?)، فكانت سياسته المالية تقوم على مبدأ المساواة، فبيت المال لجميع المسلمين ولكل واحد منهم حق أن يأخذ منه أسوة بغيره، فلا يكون حكراً على فئات معينة من الناس، ومن أعماله التي تدل على ترسيخه بمبدأ المساواة بين الناس ما أعلنه عندما رأى أمراء بني أمية قد استحوذوا على قطع واسعة من الأرض وجعلوها حمى، يحرم من الاستفادة منها عامة الناس، فقال: إن الحمى يباح للمسلين عامة .. وإنما الإمام فيها كرجل من المسلمين، إنما الغيث ينزله الله لعباده، فهم فيه سواء (?). كما ساوى بين من أسلم من أهل الأديان الأخرى من النصارى واليهود وبين المسلمين، وعمل على كسر حاجز التنافر بينهم، فقال: ... فمن أسلم من نصراني أو يهودي أو مجوسي، من أهل الجزية اليوم، فخالط عمّ المسلمين في دارهم وفارق داره التي كان بها، فإن له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وعليهم أن يخالطوه وأن يواسوه (?)، ويروي ابن سعد: