وإن لم يكن له وارث فميراثه في بيت مال المسلمين الذي يقسم بين المسلمين، وما أحدث من حدث ففي مال الله الذي يقسم بين المسلمين يعقل عنه منه والسلام (?). كما كتب إليه عامله على البصرة ـ عدي بن أرطأة ـ يقول: أما بعد، فإن الناس كثروا في الإسلام وخفت أن يقل الخراج. فكتب إليه عمر: فهمت كتابك، والله لوددت أن الناس كلهم أسلموا حتى نكون أنا وأنت حراثين نأكل من كسب أيدينا (?). هذا إلى جانب إبطاله لمظلمة المنع من الهجرة التي أوقعها الحجّاج بالموالي في العراق، وهكذا أبطل عمر تلك المظالم التي أصابت الموالي، فترتب على ذلك أن أعاد إليهم حقوقهم المسلوبة والهدوء والطمأنينة إلى نفوسهم، وباتوا ينعمون بالمساواة والعدل مع غيرهم من أبناء الأمة الإسلامية (?).
ح ـ رفع المظالم عن أهل الذمة:
زاد عبد الملك في عهده الجزية على أهل قبرص وكان معاوية بن أبي سفيان غزا قبرص بنفسه وصالحهم صلحاً دائماً على سبعة آلاف دينار وعلى النصيحة للمسلمين، وإنذارهم عدوهم من الروم ولم يزل أهل قبرص على صلح معاوية حتى ولي عبد الملك بن مروان، فزاد عليهم ألف دينار، فجرى ذلك إلى عهد عمر بن عبد العزيز فحطها عنهم (?)، كما أصابت الزيادة فيما يجبى من جزية أهل الذمة في العراق وقد وضعها عنهم عمر بن عبد العزيز كسياسة عامة التزم بها في أن يرفع المظالم عن أهل الذمة حتى يدعهم ينعمون بحياتهم في ظل الشرائع الإسلامية السمحة ويؤيد ذلك ما جاء في كتابه إلى عامله على البصرة ـ عدي بن أرطأة: أما بعد، فإن الله سبحانه إنما أمر أن تؤخذ الجزية ممن رغب عن الإسلام واختار الكفر عتيا (?)، وخسراناً مبيناً، فضع الجزية على من أطاق حملها، وخل بينهم وبين عمارة الأرض، فإن في ذلك صلاحاً لمعاش المسلمين، وقوة على عدوهم، وانظر من قبلك من أهل الذمة ممن قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه. فلو أن رجلاً من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس فقال: ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك. قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه (?)، كما بلغت سياسة عمر بن عبد العزيز في وضع