ثانياً: العوامل التي أثرت في تكوين شخصية عمر بن عبد العزيز:

1 ـ الواقع الأسري:

نشأ عمر بن عبد العزيز في المدينة، فلما شب وعقل وهو غلام صغير كان يأتي عبد الله بن عمر بن الخطاب لمكان أمه منه، ثم يرجع إلى أمه فيقول: يا أمه أنا أحب أن أكون مثل خالي ـ يريد عبد الله بن عمر ـ فتؤفف به ثم تقول له: أغرب أنت تكون مثل خالك وتكرر عليه ذلك غير مرة. فلما كبر سار أبوه عبد العزيز بن مروان إلى مصر أمير عليها، ثم كتب إلى زوجته أم عاصم أن تقدم عليه وتقدم بولدها، فأتت عمها عبد الله بن عمر فأعلمته بكتاب زوجها عبد العزيز إليها فقال لها: يا أبنة أخي هو زوجك فالحقي به، فلما أرادت الخروج قال لها: خلفي هذا الغلام عندنا ـ يريد عمر ـ فإنه أشبهكم بنا أهل البيت فخلفته عنده ولم تخالفه، فلما قدمت على عبد العزيز اعترض ولده فإذا هو لا يرى عمر، قال لها: وأين عمر؟ فأخبرته خبر عبد الله وما سألها من تخليفه عنده لشبهه بهم، فسرّ بذلك عبد العزيز، وكتب إلى أخيه عبد الملك يخبره بذلك، فكتب عبد الملك أن يجري عليه ألف دينار في كل شهر، ثم قدم عمر على أبيه مسلماً (?)، وهكذا تربى عمر رحمه الله تعالى بين أخواله بالمدينة من أسرة عمر بن الخطاب، ولا شك أنه تأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة (?).

2 ـ إقباله المبكر على طلب العلم وحفظه القرآن الكريم:

فقد رزق منذ صغره حب الإقبال على طلب العلم وحب المطالعة والمذاكرة بين العلماء كما كان يحرص على ملازمة مجالس العلم في المدينة وكانت يومئذ منارة العلم والصلاح زاخرة بالعلماء والفقهاء والصالحين، وتاقت نفسه للعلم وهو صغير وكان أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب (?)، وجمع عمر بن عبد العزيز القرآن وهو صغير وساعده على ذلك صفاء نفسه وقدرته الكبيرة على الحفظ وتفرغه الكامل لطلب العلم والحفظ. وقد تأثر كثيراً بالقرآن الكريم في نظرته لله عز وجل والحياة والكون والجنة والنار، والقضاء والقدر، وحقيقة الموت وكان يبكي لذكر الموت بالرغم من حداثة سنه فبلغ ذلك أمه فأرسلت إليه وقالت ما يبكيك؟ قال: ذكرت الموت. فبكت أمه حين بلغها ذلك (?)، وقد عاش طيلة حياته مع كتاب الله عز وجل متدبراً ومنفذاً لأوامره، ومن مواقفه مع القرآن الكريم:

أـ عن ابن أبي ذيب: قال: حدثني من شهد عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، وقرأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015