فإن صبرت فلم ألفظكَ من شبع ... وإن جزعت فعلِقٌ منفسٌ ذهبا
فقال عمر: بل الصبر أقرب إلى الله عز وجل، قال: صدقت وانصرف (?)
سادساً: سليمان والأكل والغناء ومدح الشعراء له:
1 ـ سليمان والأكل: قدمت المصادر الشيعية وصفاً للعديد من مناقب سليمان، حيث ذكرت محاسنه الخلقية (?)، ووصفته بالفصاحة (?)، والتوقف عن سفك الدماء، وباستشارة النصحاء (?)، ورد المظالم (?)، وبتوالي الفتوحات في أيامه (?)، وعلى النقيض من ذلك، فإن رواة الشيعة لما لم يجدوا ما يقدح بسيرة سليمان ومنجزاته، نجدهم يركزون جل اهتمامهم على وصفه بالشراهة وبالغوا في ذلك أيما مبالغة، فتارة يصفونه بأنه لا يكاد يشبع (?)، وتارة يصفونه بأنه المصيبة العظمة في الأكل (?)، وتارة يصفونه بأنه أكولاً نهماً نكاحاً (?). ويبدو أن الروايات الموالية للعباسيين، والروايات الشيعية تناست صعوبة وربما استحالة أن من جمع بين هذه المحاسن أن تكون همته مصروفة إلى النكاح والطعام، ولو كان الأمر على ما يقولون، فلن ينتصف سليمان للمظلومين، ولن يعير السياسة الداخلية، والخارجية أي اهتمام، ولكان إنكفى على تلبية ملذاته ورغباته، ولكن سيرته وسياسته ومنجزاته العمرانية والعسكرية كفيلة بالرد على هذا الاتهام (?)، وقد ذكرت قصص في هذا الميدان، تشبه الأساطير كالتي ذكرها ابن أبي الحديد: وكان سليمان بن عبد الملك المصيبة الكبر في الأكل، حيث أكل ثلاثين خروفاً بثمانين رغيفاً ثم أكل مع الناس كأنه لم يأكل شيئاً (?)، وغيرها من القصص الغريبة والعجيبة ويتبين للدارس المحقق أن المبالغة واضحة جلية في تصوير شره سليمان لعدة أسباب:
أـ مخالفتها للطبيعة البشرية التي لا تستطيع إلتهام هذا الكم الهائل من الطعام مع ملاحظة أن المصادر تصفه بنحافة البدن (?) مما يتعارض وشرهه الموصوف في هذه الروايات.