أواخر سنة 97هـ (?) وعمره ثمان وسبعون سنة أو يزيد (في سنة 97هـ) (?)، وقال صاحب معالم الإيمان: توفي بالمدينة متوجهاً إلى الحج وكان قد سأل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة أو يموت بالمدينة فأجاب الله دعاءه (?)، وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك (?)، لقد كانت الدنيا وما فيها صغيرة ولا قيمة لها عند موسى بن نصير ويرجع الفضل في ذلك إلى الله ثم نصيحة العالم الجليل أبو عبد الله علي بن رباح اللخمي لموسى بن نصير، فقد أورد صاحب كتاب رياض النفوس أن موسى بن نصير لما وصل من الأندلس إلى القيروان قعد يوماً في مجلسه، فجاءه العرب يسلمون عليه، فلما احتفل المجلس قال: إنه قد صحبتني ثلاث نعم: أما واحدة فإن أمير المؤمنين كتب إلى يهنئني في كتابه وأمر بقراءة الكتاب، فهنيء بذلك وأما الثانية فإن كتاب ابني قدم علي بأنه فتح له بالأندلس فتح عظيم، وأمر بالكتاب فقريء فهنيء بذلك، وكان علي بن رباح ساكت فقال له موسى: مالك يا علي لا تتكلم؟ فقال: أصلح الله الأمير، قد قال القوم فقال: وقل أنت أيضاًَ. فقال: أنا أقول ـ وأنا أنصح القائلين لك ـ إنه ما من دار امتلأت حبرة إلا امتلأت عبرة، وما انتهى شيء إلا رجع، فارجع قبل أن يرجع بك، فانكسر موسى بن نصير وخشع وفرق جواري عدة ..

وقال صاحب الرياض: ونفعه الله عز وجل بموعظة أبي عبد الله بن رباح، فصغرت عنده الدنيا وما فيها ونبذها وانخلع مما كان فيه من الإمارة (?)، فرضي الله عن التابعي الجليل، والإداري الحازم، والبطل المغوار، والقوي الأمين، القائد الفاتح، موسى بن نصير اللخمي الذي فتح المغرب الأقصى، واستعاد فتح المغرب الأوسط، وأنه دعم الفتح الإسلامي في الشمال الإفريقي وأنه فتح الأندلس وقسماً من جنوب فرنسا وأنه كان من أعظم قادة الفتح الإسلامي (?)، لقد مات موسى بن نصير بعد أن ملأ جهاده ـ بقيادة المد الإسلامي المبارك ـ وديان المغرب الإسلامي ((الشمال الإفريقي والأندلسي)) وجباله وسهوله وهضابه ووجه دعاة الحق لإسماع ساكنيه دعوة الإسلام الخالدة، فكانت سبباً في إخراجهم من الكفر إلى الإيمان، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، أما ترى معي موسى وهو يجوب الصحاري والوديان والسهول والجبال وقد سلخ من سني عمره خمساً وسبعين سنة ممتطياً جواده يتحرك في أعماقه إيمان بالله العلي القدير قد دفعه للجهاد والدعوة والعلم والتربية وأحكام أمور الدولة رغم ما علا رأسه من الشيب الوقور، منقاد لإصرار العقيدة السمحة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015