أـ لم تكن الخطبة وما فيها من السجع من أسلوب ذلك العصر القرن الأول الهجري، وغير متوقع لقائد جيش أن يعتني بهذا النوع من الصياغة.
ب ـ إن المعاني التي تناولتها الخطبة لا تتلاءم وروح الإسلام العالية، التي توفرت لدى الفاتحين، ومقدار حبهم للإسلام وإعلاء كلمته، ورغبتهم في الاستشهاد من أجل ذلك،، فهي لا تشيد بدوافع الفتح وأهدافه ـ وهي معروفة مألوفة ـ التي أنبتتها ورعتها العقيدة الإسلامية، عاملة على ابتغاء مرضات الله تعالى وحده، لتعلو راية الإسلام وتسود شريعته ويكون الدين كله لله، ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) (الأنفال، الآية: 39).
ت ـ يلاحظ في الخطبة عديد من الأخطاء ويلاحظ فيها التناقض في المعاني، وبعض ما فيها مخالف لحقائق تاريخية، كاستعمال ((اليونان)) التي ربما جاء ذكرها للسجع فالمؤرخون الأندلسيون اعتادوا أن يستعملوا في هذه المناسبة القوط أو الروم (?)، وكذلك العلوج والعجم أو المشركين والكفار (?)، وليس لدينا نص يحتوي مثل هذا الاستعمال، غير أن ابن خلكان ـ وهو مشرقي ـ أورد هذا الاستعمال في غير الخطبة (?) ثم. ((وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين .. )) فالذي انتخبهم موسى بن نصير وليس الوليد (?).
ج ـ كان المتوقع أن تحتوي الخطبة على آيات من القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، أو وصايا وأحداث ومعاني إسلامية أخرى تناسب المقام كالمعهود (?). وغير ذلك من الملاحظات.
وكل ما تقدم لا يمنع أن يكون طارق جيد الكلام، وأنه خطب جنده يحُّثهم على الجهاد (?)، ويروي المَقَّري أبياتاً قالها طارقاً بهذه المناسبة:
ركبنا سَفينا بالمجاز مُقَيَّرا ... عسى أن يكون الله منا قد اشترى
نفوساً وأمولاً وأهلاً بجنَّة ... إذا ما اشتهينا الشيء منها تيسَّرا
ولسنا نُبالي كيف سالت نفوسنا ... إذا نحن أدركنا الذي كان أجْدرا (?)
وقال ابن بشكوال: إن طارقاً كان حسن الكلام ينظم ما يجوز كتبه (?). ووجهة هذه الأبيات