فقلت: هاتيه: وجرت له أعاجيب وفي الآخر أصبح في معركة مثخوناً وبه رمق فجاء الملك ليون، فقال: أبا يحي، كيف رأيت؟ قال: وما رأيت؟ كذلك الأبطال تقتل ولا تُقتل، فقال: عليَّ بالأطباء، فأتوا فوجوده قد أنفذت مقاتله،، فقال: هل لك حاجة؟ قال: تأمر من يثبت معي بولايتي وكفني والصلاة عليَّ ثم تطلقهم، ففعل، قتل 112هـ وقيل 113هـ (?). قال عنه ابن العماد: .. وله حروب ومواقف ولكن كذبوا عليه، فأفرطوا، ووضعوا له سيرة كبيرة، تقرأ كل وقت، يزيد فيها من لا يستحي من الكذب (?)
وجه عبد الملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم ـ يعني رسولاً ـ فلما انصرف من عنده قال: يا شعبي، أتدري ما كتب به إليّ ملك الروم؟ قال: وما كتب به يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت أتعجب لأهل ديانتك، كيف لم يستخلفوا عليهم رسولك. قلت: يا أمير المؤمنين لأنه رآني ولم يرك، وفي رواية: يا شعبي، إنما أراد أن يغريني بقتلك. وبلغ ذلك ملك الروم فقال لله أبوه، والله ما أردت إلا ذاك (?). وفي هذا ما يدل على أن الروم لم تكن نياتهم سليمة مع المسلمين حتى في زمن السلم والمراسلات وعقود الصلح، وأنهم يستخدمون الكيد والمكر لشق الصفوف، والتخلص من الأفذاذ.
استشهد زهير البلوي وأصحابه في معركة مع البيزنطيين في مدينة درنة بشرق ليبيا ودفن مع أصحابه، وقبورهم هناك معروفة إلى اليوم تسمى مقبرة الشهداء وكان ذلك 71هـ (?)، وكان وقع استشهاد زهير بن قيس البلوي ورفاقه عظيماً على الخليفة عبد الملك بن مروان لذلك ما إن انتهى من حربه مع ابن الزبير حتى أولى اهتماماً خاصاً إلى الوضع في شمال إفريقيا، لذلك نراه يجهز جيشاً كبيراً قوامه نحو أربعين ألف مقاتل غالبيتهم من أهل الشام، وعهد بقيادته إلى حسان بن النعمان الغساني الذي كان رجلاً ورعاً تقياً يدل على ذلك تسميته بـ ((الشيخ الأمين)) (?)، وقد أقر الخليفة حسان بن النعمان أن يقيم بمصر استعداداً لإنجاز مهمته وكتب إليه: إني قد أطلقت يدك في أموال مصر، فأعط من معك ومن ورد عليك من الناس، وأخرج