أعور ثم أعمى من الموالي فهذا الذي تجمعت فيه كل العاهات الجسدية جعلته الحضارة الإسلامية رأس الفتوى في أقدس بقعة عند المسلمين في مكة، فضلاً عن كونه من أشهر علماء الحجاز الذين يستقطبون طلبة العلم من مختلف أرجاء المعمورة (?).
3 ـ يزيد بن الأصم وأجابته لعبد الملك: سأل عبد الملك يزيد بن الأصم عن معنى قوله تعالى ((تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين)) (القصص: الآية: 83) فأجاب بكل صراحة بقوله: التجبر في الأرض، والأخذ بغير الحق ـ أي من العلو والفساد في الأرض ـ فنكس عبد الملك برأسه، وجعل ينكث في الأرض، وكان إطراق عبد الملك وتنكيسه لرأسه حياء من يزيد لإدراكه أنه المعني لذلك بالتوجيه (?)
كان عبد الملك بن مروان راويا للشعر ناقداً له، كثير الاستشهاد به في كثير من المناسبات يكثر من الأسئلة والمحاورة منه في مجلسه، فضلاً عن اهتمامه بمعانيه، كما كان يعلم خطورته في التأثير الإعلامي في كسب الأنصار والهجوم على خصومه ولذلك اهتم بالشعراء اهتماماً كبيراً ووظفهم لمدحه ودولته وبني أمية ولم يبخل عليهم بالعطاء ولذلك كان كبار شعراء عصره من الأمويين مثل الأخطل، والفرزدق، وجرير، وغيرهم كما أنه عمل على كسب خصومه حتى أنهم مدحوه بعد أن هجموا عليه بقصائد قوية في سبه وذمه مثل عبيد الله الرقيات وإليك شيء من شعر شعراء الدولة الأموية:
1 ـ الأخطل: هو غياث بن غوث التغلبي النصراني شاعر زمانه وقد قيل للفرزدق: من اشعر الناس؟ قال: كفاك بي إذا افتخرت، وبجرير إذا هجا، وبابن النصرانية إذا امتدح (?)، وكان عبد الملك بن مروان يجزل عطاء الأخطل، ويفضله في الشعر على غيره (?)، فقد كان شاعر الدولة الرسمي الذي أكثر من مدح خلفائها، والدعاية لها، والترويج لسادتها نحو ربع قرن (?)، ومن مدحه في بني أمية:
تمت جدودهم والله فضلهم ... وجد قوم سواهم خامل نكد
وأنتم أهل بيت لا يوازنهم ... بيت إذا عدت الأحساب والعدد (?)