إسماعيل يذكر أنه ضرب سعيداً وطاف به قال قبيصة: يا أمير المؤمنين يقتات عليك هشام بمثل هذا؟ يضرب ابن المسيب ويطوف به؟ والله لا يكون سعيد أبداً أمحل وألج (?). منه حين يضرب، سعيد لو لم يبايع ما كان يكون منه؟ ما سعيد مما يخاف فتقه ولا غوائله على الإسلام وأهله، وإنه لمن أهل الجماعة والسنة. وقال قبيصة: أكتب إليه يا أمير المؤمنين في ذلك. فقال عبد الملك: أكتب أنت إليه عني تخبره برأي فيه ومخالفتي من ضرب هشام إياه. فكتب قبيصة إلى سعيد بذلك. فقال: سعيد حين قرأ الكتاب الله بيني وبين من ظلمني (?)، وكتب إلى والي المدينة كتاباًَ باسم عبد الملك: سعيد كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عند سعيد شقاق ولا خلاف (?). ويتضح من هذا أثر قبيصة الكبير في صياغة موقف عبد الملك وقراره في مثل هذه القضايا المهمة والخطيرة، كما يظهر أثره الفعال في إطفاء الفتن وحسن معالجته لها معالجة تنم عن بعد نظره ومعرفته بعواقب الأمور منطق إرضاء الله أولاً ثم الحرص على مصلحة الأمة والدولة ثانية (?).
س ـ محاولته إصلاح بطانة عبد الملك: كانت له محاولات تستهدف إصلاح بطانة عبد الملك وذلك بتقريب العلماء له وجعلهم ضمن جلسائه ليكثر بذلك سوادهم عنده ويكون تأثيرهم أقوى وأنفع، ومن ذلك محاولته تقريب الإمام الزهري إلى عبد الملك فتسير بعض الروايات التي ذكرت صلة الزهري بعبد الملك أن الزهري خرج من المدينة لما اشتد به ضيق ذات اليد وساءت أحوال أهله وليس له مورد فرحل إلى الشام، وذكرت بعض الروايات أنه اتصل بقبيصة وجالسه مدة قبل اتصاله بعبد الملك (?)، وقد أكرم قبيصة الزهري وقال: له: ائتني في المنزل فلحق به الزهري فلما بلغ منزله كساه ومنحه بغلة ومائة دينار وغلاماً (?)، وعمل على تعريف عبد الملك بمكانة الزهري العلمية حتى أصبح من أصحابه وفرض له العطاء وتوطدت العلاقة بين الزهري وعبد الملك، وتكرر الدخول على عبد الملك بانتظام شأنه شأن أصحابه وجلسائه ولكن حرص الزهري على العودة إلى المدينة لمواصلة طلب العلم وتولي مؤونة أهله وذويه جعله يرحل وينقطع عن عبد الملك فكانت صلته هذه على يد قبيصة بداية اتصال الزهري بخلفاء بني أمية بعد عبد الملك (?) وقد قال ابن سعد في أثر قبيصة لتقريب الزهري لبني أمية بقوله: وهو الذي أدخل الزهري على عبد الملك بن مروان ففرض له ووصله وصار من أصحابه (?). وكان هذا من قبيصة حرصاً على مصلحة الزهري، كما كان همه إصلاح بطانة عبد