6 ـ تسامحه مع أهل الكتاب: كان عهد عبد الملك عصر تسامح مع أهل الذمة، فلم يحاول الخليفة عبد الملك الاستيلاء على كنيسة يوحنا عندما رفض أهل الذمة تسليمها إليه (?)، كما أنه سمح لهم بممارسة طقوسهم الدينية بحرية، وبناء الكنائس والأديرة فقد شيّد أثيناس ـ كاتب ديوان خراج مصر على عهد عبد العزيز ـ كنيسة ((أم الإله)) في الرها، كما شيّد في مصر أيضاً كنيستين وديراً، فضلاً عن أشغالهم مناصب عالية في إدارة الدولة (?)، إذ كان الخليفة يثق بهم (?).
وقد قام عبد الملك بمقاسمة بعض عماله وقد أراد التشبه بالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا الشأن فقد جعل الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري بمثابة المسئول عن مراقبة ومتابعة القضايا المالية في الأقاليم، فقد أرسله إلى الجزيرة الفراتية لدراسة وإصلاح الضرائب هناك (?)، كما قاسم ((أثيناس)) كاتب خراج مصر أمواله (?)، وبذلك اتبع نظاماً دقيقاً للاستخراج أو التكثيف، حيث كان يحقق مع الجباة وعمال الخراج ـ المشكوك في أمرهم ـ عند اعتزالهم عملهم ويستنطقون حتى يعترفوا بما ارتكبوا من مخالفات، وكان التحقيق مع هؤلاء يتم في أماكن خاصة تسمى ((دار الاستخراج (?)).
وبعد انتهاء تمرد ابن الأشعث كتب الخليفة إلى الحجّاج، في أخذ البيعة له من الناس قائلاً: أن ادع الناس إلى البيعة، فمن أقرّ بذنبه وندم على فعله فخله سبيله (?)، وعند ذلك أمر عبد الملك الحجّاج باعطاء الناس عطاءهم فكتب إليه الحجّاج: أنهم نكثوا العهد ونقضوا البيعة وفارقوا الجماعة، وطعنوا على الأئمة، فكتب إليه عبد الملك: إنما تجب طاعتنا عليهم بأن نعطيهم حقوقهم (?). وحين حاول الحجّاج أن يأخذ فضول ((فروق العملة)) أموال السواد، كتب الخليفة إليه يمنعه من ذلك قائلاً له: لا تكن على درهمك المأخوذ أحرص منك على درهمك المتروك وابق لحم لحوماً يعقدون بها شحوماً (?).