أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين، وغيرهم، ينهون عام الحرّة عن الخروج على يزيد (?).
لم تجد معركة الحرّة من المؤرخين، كما لاقى غيرهما من الحوادث التي حصلت أيام يزيد بن معاوية، ولم يفرد المؤرخون المحدثون عنها أبحاثا، كما أفردوا عن الحركات الأخرى، ولو قارنا بينها وبين حركة الحسين لوجدنا فرقاً كبيراً في النتائج، فمجموع ما قتل في معركة الحرّة أضعاف ما قتل مع الحسين، وقتل في معركة الحرّة رجال مشاهير لهم منزلة صحبة وجهاد من هؤلاء عبد الله بن زيد حاكي وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم (?)، ومعقل بن سنان (?) وفيه يقول الشاعر:
وأصبحت الأنصار تبكي سراتها ... وأشجع تبكي معقل بن سنان
وعبد الله بن حنظله الغسيل مع ثمانية من بنيه، وهؤلاء الرجال مكانتهم في الإسلام عالية ومصيبة المسلمين فيهم عظيمة وهي مصيبة تضاف إلى مصيبة المسلمين في الحسين رضي الله على مكانته وفضله وسيادته عند المسلمين وهذا ما يجعل معركة الحرّة فاجعة كبيره كما هي معركة كربلاء.
كان ابن الزبير رضي الله عنه قد عقد العزم على عدم البيعة ليزيد واختار الذهاب والاستقرار بمكة.
اجتمعت عدة أسباب جعلت مكة أنسب مكان يمكن أن يتجه إليه ابن الزبيرـ في نظره ـ ومن أهمها ما يلي:
1 ـ أنها المكان الوحيد الذي يمكن اللجوء إليه في هذه الفترة وذلك لأن الأقاليم الأخرى ليست مناسبة، فالعراق ـ بمصريه الكوفة والبصرة لا يمكن ضمان ولاء أهلها لأي زعيم معارضة ضد بني أمية، وما فعلوه مع الحسين خير دليل على ذلك، وكان ابن الزبير يعي ذلك