السبيل)) (الأنفال: 41). وهذا يعني أن أربعة أخماس الغنيمة يقسم بين الجيش، ويبقى خمس الغنيمة فيقسم كما ورد في الآية السابقة وهذا الحكم لا يخفي على معاوية رضي الله عنه، كما أن دين معاوية وعدالته تمنعه من رد حكم الله سبحانه وتعالى (?)، وبالرجوع إلىرواية الطبري نلاحظ أن الحكم بن عمرو الغفاري رضي الله عنه لم يبادر إلى قسمة الغنائم بين الجيش على الفور ـ مع وضوح حكم الشرع في ذلك ـ بل دارت بينه وبين زياد مراسلات في شأن الغنائم، وهذا التأخير في قسمة الغنائم يقودنا إلى عدة احتمالات يمكن من خلالها إزالة الغموض الوارد في الرواية وهذه الاحتمالات هي:

1 ـ رغبة معاوية رضي الله عنه في أن يكون خمس الغنيمة ـ الذي يتولى إمام المسلمين قسمته ـ من الذهب والفضة.

2 ـ رغبة معاوية رضي الله عنه في حمل ما غنم المسلمون من ذهب وفضة قبل تخميسه وقسمته ـ إلى الهند وبيعه هناك (?) بقيمة مرتفعة ثم يخمس ثمنه بعد ذلك، وفي ذلك خير للجميع (?).

3 ـ وجود نقصٍ طارئ في بيت مال المسلمين، فأراد معاوية رضي الله عنه أن يقترض ما غنمه جيش الحكم رضي الله عنه إلى أجل معلوم، وتأخير قسمة الغنائم بين الجيش إلى وقت لاحق (?).

ومن الدروس المهمة إن ثبتت الرواية التزام الحكم بن عمرو الغفاري بمبدأ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وتمسكه بأداء الأمانة في قسمة الغنائم، ولم يغل منها شيئاً ووزعها على العسكر بعد أن عزل الخمس (?)،

هذه أهم الدروس والعبر والفوائد من الفتوحات في عهد معاوية.

الخامس عشر: استشهاد صلة بن أشيم وابنه بسجستان عام 62 هـ:

صلة بن أشيم هو الزاهد، العابد، القدوة، أبو الصهباء العدويُّ البصري، زوج العالمة معاذة العدوية، وكان صلة له مواقف في المجتمع الإسلامي مؤثرة ومن هذه المواقف، عن ثابت قال: جاء رجل إلى صلة بنعي أخيه، فقال له: أدن فكل، فقد نُعي إليَّ أخي منذ حين، قال تعالى: ((إنك ميت وإنهم ميتون)) (الزمر، الآية: 30)، وكان صلة له كرامات منها، عن حمّاد بن جعفر بن زياد أنّ أباه أخبره، قال: خرجنا في غزاة إلى كابل، وفي الجيش صلة، فنزلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015