(التوبة: أية 111). فجعل عمله الذي نذر حياته لأجله هو الجهاد، ونصب أمام عينيه الهدف السامي، وهو إعلاء كلمة الله في الأرض (?)، وفي وصيته المذكورة لأولاده فوائد جليلة، فقد أوصاهم بثلاث وصايا:

أـ الوصية الأولى: الاهتمام بانتقاء العلم واختيار أطيبه، وذلك بالاهتمام أولاً بالقرآن الكريم، حيث إنه الكتاب الذي يدل على الله عز وجل، وما ابلغه من وصف يهدي إلى بلوغ الهدف السامي الذي يسعى إليه كل مؤمن، وهو ابتغاء رضوان الله تعالى ونعيمه، ولا شك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدخل في مقاصد القرآن الكريم لقوله تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (الحشر: أية:7). ثم انتقاء الطيب من كلام العرب الذي يرشد إليه العقل السليم ويحث على مكارم الأخلاق.

ب ـ الوصية الثانية: البعد عن الاستدانة ولو دفع إليها الفقر لأن الدين ذل بالنهار حيث يدفع المستدين إلى بعض مواقف الذل أمام الدائن ومن لهم علاقة به، وهمُّ بالليل حيث يخلو المستدين إلى نفسه فيتذكر حقوق الناس عليه.

جـ ـ الوصية الثالثة: التحري في تلقي العلم، وذلك باختيار العلماء الربانيين أهل الورع والتقوى، والبعد عن العلماء المغرورين أهل الدنيا والجاه، فإنهم يزيدون المتعلم جهلاً حيث يبعدونه عن حقيقة العلم وثمرته وهي تقوى الله عز وجل (?). ونجد عقبة في نهاية وصيته لأولاده يسلمّ عليهم سلام المودع، مما يدل على استماتته في سبيل الله تعالى، ثم يقول: اللهم تقبل نفسي في رضاك، واجعل الجهاد رحمتي ودار كرامتي عندك (?). وبهذا الاهتمام الكبير نجح عقبة بن نافع رحمه الله في فتوحاته حيث جعل الجهاد قضيته الكبرى في هذه الحياة (?). سار عقبة في جيش عظيم متجهاً إلى مدينة باغية (?)، حيث واجه مقاومة عنيفة من البيزنطيين الذين انهزموا أمامه ودخلوا مدينتهم وتحصنوا بها، فحاصرهم مدة ثم سار إلى تلمسان وهي من أعظم مدائنهم فانضم إليها من حولها من الروم والبربر فخرجوا إليه في جيش ضخم والتحم القتال، وثبت الفريقان حتى ظن المسلمون أن في تلك المعركة فناءهم ولكن منَّ عليهم بالصبر فكانوا في ذلك أشدَّ وأصبر من أعدائهم فهاجموا الروم هجوماً عنيفاً حتى ألجئوهم إلى حصونهم فقاتلوهم إلى أبوابها وأصابوا منهم غنائم كثيرة (?)،

ثم استمر غربا قاصداً بلاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015