بالجيش الإسلامي، وأن أبا المهاجر لا بد أن ينتصر عليهم، فيدخل العاصمة باقتداره وقوته، فطلبوا الصلح فصالحهم بإخلاء جزيرة شريك (?)، لتنزل فيها جنوده، وكان أبو المهاجر يهدف من احتلال جزيرة شريك، القريبة من قرطاجنة، أن يراقب الروم وتحركاتهم، وترك فيها حامية من الجيش جعل على رأسها قائده حنش الصنعاني ليصد الروم إذا حاولوا مهاجمة المسلمين أثناء غزوهم للبلاد (?). رفع أبو المهاجر الحصار عن قرطاجنة بعد أن انتزع من الروم جزيرة شريك، ذلك الموقع الاستراتيجي الهام، وترك فيها حامية تؤمن ظهر المسلمين، وتراقب تحركات الروم، ثم اتجه بعد ذلك مسايراً الساحل ناحية الغرب، وقد خافه الروم والبربر جميعاً، فلم يتعرض له أحد، حتى وصل إلى مدينة ميلة (?)، على خمسين ميلاً من بجاية في جنوبها الشرقي (?) فوجدها مستعدة للقتال، وكان فيها طائفة من البربر والروم، تحصنوا بها، فنازلها أبو المهاجر واحتلها، وغنم ما فيها واستقر بها، وكانت ميلة تتوسط المغربين الأدني والأوسط، فهي أحسن مكان يراقب منه أمور البربر والروم في هذه البقاع، فجعلها مقره، وأقام بها نحواً من سنتين وقد استثمر هذه المدة في الاتصال بالبربر، وإفهامهم حقيقة الإسلام، ودعوتهم إليه، وقد نجح في سياسته نجاحاً كبيراً فأقبل البربر على الإسلام وآية ذلك أن المؤرخين لم يتحدثوا عن معارك وقعت له في هذه النواحي من المغرب، قسطنطينية الآن ونواحيها إلى بجاية (?).
لأن الروم كانوا يتقوون بالبربر، وهاهو أبو المهاجر قد نجح في اجتذاب البربر وفصلهم عن الروم، فسكنت تلك النواحي، سكون البحر بعد العاصفة (?)، وترامت الأخبار إلى أبي المهاجر أن جمعاً من الروم والبربر يستعد لحربه، فقرر المسير إليهم، وكانت زعامة المغربين الأوسط والأقصى لقبيلة أوربة (?)، وهي قسم كبير من أقسام البربر البرانس، وكان زعيم هذه القبيلة كسيلة بن لمزم، وكان كسيلة قوي الشخصية ذكي الفؤاد، غيوراً على وطنه وكان البربر يجلونه ويحبونه وكان نصرانياً متمسكاً بدينه، وكان لا يعرف حقيقة الإسلام والمسلمين، فاستطاع الروم أن يوحوا إليه ما أرادوا في الإسلام والمسلمين فرآهم عدواً لدينه ووطنه، ورأى أن أبا المهاجر في ميلة، فعلم أنه لا بد أن يسير لافتتاح المغرب الأوسط