الناس في عائشة؟ ـ أي في حديث الافك ـ فقال لها: أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ فقالت: لا والله. فقال: والله لهي خير منك فأنزل الله (?) ((لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا)) (النور، الآية: 12). وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي أيوب ومصعب بن عمير (?) رضي الله عنهما صاحب الفتح السلمي الكبير بالمدينة المنورة. وكانت وفاته ببلاد الروم قريباً من سور قسطنطينية، وكان في جيش يزيد بن معاوية وإليه أوصى وهو الذي صلى عليه (?). وقد جاء في رواية: أغزى أبو أيوب، فمرض، فقال: إذا متُّ فاحملوني، فإذا صافقتم العدوَّ، فارموني تحت أقدامكم.

أما إني سأحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة (?)، ودفن أبو أيوب عند سور القسطنطينية، وقالت الروم لمن دفنه: يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأن. قالوا: مات رجل من أكابر أصحاب نبينا، والله لئن نُبش، لاضُرِبَ بناقوس في بلاد العرب (?)، وبعد مجيء الدولة العثمانية وفتح القسطنطينية أصبحت مكانة أبي أيوب الأنصاري عظيمة في الثقافة العثمانية، فقد درج السلاطين العثمانيون يوم يتربعون على الملك أن يقيموا حفلاً دينياً في مسجد أبي أيوب، حيث يتقلدون سيفاً للرمز إلى السلطة، التي أفضت إليهم وكان لأبي أيوب رضي الله عنه عند الترك خواصهم وعوامهم رتبة ولي الله الذي تهوي إليه القلوب المؤمنة وينظرون إليه كونه مضيف رسول الله، فقد أكرمه وأعانه وقت العسرة كما أنه له مكانة مرموقة بين المجاهدين واعتبروها ضيافته لرسول الله وجهاده في سبيل الله أعظم مناقبه وأظهر مآثره (?). وقد ترك أبو أيوب رضي الله عنه في وصيته بأن يدفن في أقصى نقطة من أرض العدو صورة رائعة تدل علىتعلقه بالجهاد، فيكون بين صفوفهم حتى وهو في نعشه على أعناقهم وأراد أن يتوغل في أرض العدو حياً وميتاً، وكأنما لم يكفه ما حقق في حياته فتمنى مزيد عليه بعد مماته، وهذا ما لا غاية بعده في مفهوم المجاهد الحق بالمعنى الأصح الأدق (?). ومن الغريب ما نراه في حياتنا من حرص بعض المسلمين إذا مات خارج بلده أن يوصي أهله بأرجاعه ودفنه في أرضه والأرض الأرض الله والبلاد بلاد الله. وقد مدحه شعراء الأتراك في أشعارهم وهذا شيخ الإسلام، أسعد أفندي يشير أشارة لامحة إلى موقعه بقوله:

شهد المشاهد جاهداً ومجاهداً ... ومكابداً بحروبه ما كابدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015