معاوية للمسلمين قوة بحرية نافست البيزنطيين أنفسهم سيادتهم القديمة على البحر الأبيض المتوسط ثم أخذ يعبئها لأهم عمل في تاريخها، وهو ضرب عاصمة البيزنطيين أنفسهم والاستيلاء عليها، ولكن تريث معاوية في تحقيق الهدف الأخير حتى يمكن لنفسه من التفوق البحري على البيزنطية (?).

4 ـ كان من الضروري لكي تؤتي هذه الاستعدادات البحرية، ثمارها وتحقق أهدافها أن يصاحبها تحصين أطراف الشام الشمالية، التي تشكل مناطق الحدود بين الدولتين الإسلامية والبيزنطية، ضد غارات البيزنطيين من ناحية ولتكون سنداً للقوات الزاحفة على القسطنطينية من ناحية ثانية ذلك لأن المسلمين في فتوحاتهم الأولى في عهد الخلفاء الراشدين، وصلوا إلى أطراف الشام الشمالية، ثم وقفت أمامهم سلسلة جبال طوروس تحول دون وصولهم إلى آسيا الصغرى البيزنطية، وكان البيزنطيون عند انسحابهم وتقهقرهم أمام المسلمين قد قاموا بتخريب المناطق الواقعة شمال حلب وإنطاكيا لئلا يستفيد منها المسلمون، كما خربوا معظم الحصون فيما بين الأسكندرونة وطورسوس (?)، فرأى معاوية ضرورة الاهتمام بهذه المناطق وتعميرها وتحصينها، فاهتم أولاً بمدينة أنطاكيا التي كانت معرضة دائماً للإغارات البيزنطية المفاجئة، واتبع في تعميرها السياسة التي سار عليها إزاء المدن الساحلية للشام، وأغرى الناس على الإقامة بأنطاكيا، بأن منحهم اقطاعات من الأرض، وقوى الرباط المخصص للدفاع عنهم وأخذ معاوية يوالي تدريجياً تعمير المدن الواقعة بين الأسكندرونة وطرسوس أثناء غاراته على أراضي البيزنطيين حتى أصبحت حدود الشام تتاخم مباشرة جبال طوروس الحد الفاصل بين الشام وآسيا الصغرى ولإحكام سيطرته على المعاقل الهامة الواقعة في مناطق التخوم الإسلامية البيزنطية، استولى على سميساط وملطية، كما جدد حصوناً أخرى مثل مرعش والحدث، ثم استولى على حصن زبطرة البيزنطي الهام وأعاد تحصينه (?)،

ولكي تكون الحركة مستمرة وتكون مناطق الحدود ميداناً عملياً لتدريب جند المسلمين، وتعويدهم على الدروب والطرق والممرات الجبلية الوعرة دأب معاوية على الغزو المستمر، وأصبح هذا النشاط العسكري يعرف بغزوات الصوائف والشواتي (?) فلا تكاد تمر سنة وإلا ونجد ذكراً عند الطبري وغيره لغزو في البر أو البحر كأن يقول: وفيها شتى فلان بأرض الروم أو كانت صائفة فلان إلى أرض الروم (?)، وكانت هذه الغزوات تنطلق إلى بلاد الأعداء وتخرب تحصيناتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015