5 ـ إنه كان بين معاوية ـ رضي الله عنه ـ بعد استقلاله بالخلافة وأبناء علي من الألفة والتقارب، ما هو مشهور في كتب السير والتاريخ (?)، ومن ذلك أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمائتي ألف. وقال لهما: ما أجاز بهما أحد قبلي فقال له الحسين رضي الله عنه: ولم تعط أحد أفضل منا (?)، ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له: مرحباً وأهلاً بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر له بثلاثمائة ألف (?). وهذا مما يقطع الكذب مما يدَّعي في حق معاوية من حملة الناس على سب علي، إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة والاحتفاء والتكريم، وبهذا يظهر الحق في هذه المسألة، وتتجلى الحقيقة (?)، كما أن المجتمع في عمومه مقيد بأحكام الشرع حريصاً على تنفيذها، ولذلك كانوا أبعد الناس عن الطعن واللعن والقول الفاحش والبذيء (?)، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الأموات المشركين فكيف بمن يسب أولياء الله المصلحين، فعن عائشة رضي الله عنها ـ مرفوعاً: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا (?).

خامساً: معاوية وسِمَّ الحسن بن علي؟

ذكرت بعض الروايات أن الحسن بن علي توفي متأثراً بالسم الذي وضع له، وقد اتجهت أصابع الاتهام نحو زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث بن قيس أمير كندة فهذه أم موسى سرية علي تتهم جعدة بأنها دست السم للحسن، فاشتكى منه شكاة: فكان يوضع تحته طست (?)، وترفع أخرى نحواً من أربعين يوماً (?)، وهذه رواية إسنادها لا يصح وهي ضعيفة (?)، وحاول البعض من الإخباريين والرواة أن يوجد علاقة بين البيعة ليزيد ووفاة الحسن، وزعموا أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة بنت قيس أن ُسمي حسناً فإني سأتزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء: فقال: إنا والله لم نرضك له أفنرضاك لأنفسنا (?)؟، وفي سندها يزيد بن عياض بن جعدية، كذبه مالك وغيره (?)، وقد وردت هذه الروايات في كتب أهل السنة بدون تمحيص، مع العلم أن أسانيد تلك الروايات أسانيدها ضعيفة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015