الروايات التي تشير بأن يجري معاوية للحسن كل عام مليون درهم وأن يحمل إلي أخيه الحسين مليوني درهم في كل عام ويفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس، وكأن الحسن باع الخلافة لمعاوية، فهذه الروايات، وما قيل حولها من تحليل وتفسير لا تقبل ولا يعتمد عليها، لأنها تصور إحساس الحسن بمصالح الأمة يبدو ضعيفاً أمام مصالحه الخاصة (?). أما حقه من العطاء فليس الحسن فيه بواحد من دون المسلمين، ولا يمنع أن يكون حظه منه أكثر من غيره، ولكنه لا يصل إلى عشرة معشار ما ذكرته الروايات (?).
3 ـ الدماء: ويتضمن اتفاق الصلح بين الجانبين أن الناس كلهم آمنون لا يؤخذ منهم أحد منهم بهفوة أو أحنة، ومما جاء في رواية البخاري أن الحسن قال لوفد معاوية .. وأن هذه الأمة عاثت في دمائها، فكفل الوفد للحسن العفو للجميع فيما أصابوا من الدماء (?)، وقد تمّ الاتفاق على عدم مطالبة أحد بشيء كان في أيام علي وهي قاعدة بالغة الأهمية تحاول دون الالتفاف إلى الماضي وتركز على فتح صفحة جديدة تركز على الحاضر والمستقبل (?)، وقد تمّ التوافق المبني على الالتزام والشرعية حيث تمّ الصلح على أساس العفو المطلق من كل ما كان بين الفريقين، قبل إبرام الصلح، وبالفعل لم يعاقب معاوية بذنب أحداً بذنب سابق وتأسس بذلك صلح الحسن على الإحسان والعفو، وتأليف القلوب،
قيل ومما اتفق الجانبان عليه من الشروط أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن (?)، وإن معاوية وعد أن حدث به حدث والحسن حي يُسمينَّه وليجعلن الأمر إليه (?)، ولكن ابن أكثم روى في هذا الخصوص عن الحسن إنه قال: إما ولاية الأمر من بعده، فما أنا بالراغب في ذلك ولو أردت هذا الأمر لم أسلمه (?)، وجاء في نص الصلح الذي ذكره ابن الحجر الهيثمي: .. بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين (?)، وعند التدقيق في روايات طلب الحسن الخلافة بعد معاوية، نجد أنها تتنافى مع أنفة وقوة وكرم الحسن، فكيف يتنازل عن الخلافة حقناً لدماء المسلمين وابتغاء مرضاة الله ثم يوافق على أن يكون تابعاً يتطلب أسباب الدنيا، وتشرأب عنقه للخلافة مرة أخرى، والدليل على أن هذا غير صحيح ما ذكر جبير بن