من أية مساعدة من العراق كتب إلى مروان رسائل لحثه على إمداده ولكن بدون جدوى ولانشغال مروان بالحروب الداخلية في بلاد الشام والعراق والحجاز وبعد أن فشل نصر في محاولته الأولى لكسب ابن الكرماني وفي محاولته الثانية لكسب شيبان الصغير حاول هذه المرة أن يتقرب نحو أبي مسلم في نفس الوقت الذي ينتظر فيه الإمدادات من الخليفة لقد أمل نصر أن يفّرق بين أبي مسلم وابن الكرماني فدبر أمر اجتماع حضرته وفود نصر المضرية ووفود ابن الكرماني ومندوبين عن أبي مسلم الذين امتدحوا وفد ابن الكرماني، وفضلوه على وفد نصر حيث قرر سليمان الخزاعي وطلحة الخزاعي ومزيد السلمي التحالف مع ابن الكرماني ضد نصر وبذلك كسبت الدعوة العباسية مصدر القوة في خراسان إلى جانبها ألا وهي القبائل العربية من أتباع ابن الكرماني (?).
أ- خطة أبي مسلم للاستيلاء على العاصمة مرو:
كانت خطة أبي مسلم وابن الكرماني الآتية هي الاستيلاء على العاصمة مرو. وتختلف الروايات التاريخية في كيفية فتح مرو ولكن الظاهر أن ابا مسلم كان حذراً ومرناً في موقفه تجاه كتلة نصر وكتلة ابن الكرماني فرغم اعترافه بأن ابن الكرماني والياً على خراسان، فإنه كان يؤمل أن يكسب نصراً أو أتباعه إليه بطريقة أو بأخرى فضمن الحماية لوفد نصر الذي حضر الاجتماع الآنف الذكر، كما سمح نصر للشيعة العباسية بالتسوق من أسواق مرو دون مهاجمتهم، ولكن حدث وأن قام نزاع بين بكر بن وائل من ربيعة وبين بعض المضريين في سوق مرو، فساعد نصر المضرية بينما أنجد ابن الكرماني الربعية ودعى ابن الكرماني أبا مسلم إلى مساعدته والانضمام إليه، إلا أن أبا مسلم تشاغل حتى تأكد من احتدام الصراع العنيف فتدخل إلى جانب ابن الكرماني حيث دخلت قواتهما مرو في 130 هـ وعلى المقدمة أسيد الخزاعي وعلى الميمنة مالك الخزاعي وعلى الميسرة القاسم التميمي وهو يتلو: ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه " (القصص، أية: 15). وأمر بالكف عن القتال (?) وأرسل أبو مسلم وفداً إلى نصر يعده الأمان إذا سلم نفسه ولكن نصر شاغل الوفد وهرب إلى نيسابور. ويروى أن لاهز بن قريضى حذر نصر من الاستسلام
بتلاوة الآية: " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك" (القصص، أية: 20) وقد قتل لاهز جزاء
عمله (?) وبدا الآن الوجه الحقيقي للدعوة بالظهور بصورة تدريجية ألا وهو الوجه العباسي، فحين جُمع الأنصار لتقديم الولاء أكد أبو مسلم على " الشيعة الهاشمية " مما يشير إلى أن هؤلاء الذين كانوا جند العقيدة العباسية المخلصين هم عماد الثورة وليس الجماعات الأخرى التي استغلت من قبل الثورة وقد أصبحت مرو الشاهجان العاصمة وقراها ثم مرو الروذ وهيرات وابيورد تحت نفوذ الشيعة العباسية (?).