والانقياد له. فقال لهم الإمام: لقد عرضت هذا الأمر على غير واحد لكنهم رفضوا ذلك فاستقر رأيي علي أبي مسلم لتولي رئاسة الجيش، فأمرهم بالسمع والطاعة له (?).
ج- وصية الإمام إبراهيم لأبي مسلم:
وكتب إبراهيم الإمام وصية لأبي مسلم جاء فيها: يا عبد الرحمن إنك رجل منا أهل البيت فاحفظ وصيتي، وانظر هذا الحي من اليمن فأكرمهم، وحل بين أظهرهم، فإن الله لا يسمي هذا الأمر إلا بهم، وانظر هذا الحي من ربيعة فاتهمهم في أمرهم، وانظر هذا الحي من مصر فإنهم العدو القريب الدار، فأقتل من شككت في أمره ومن كان في أمره شبهة ومن وقع في نفسك منه شيء، وإن استطعت إلا تدع بخراسان لساناً عربياً فافعل، فإيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله ولا تخالف هذا - الشيخ - يعني سليمان بن كثير الخزاعي - ولا تعصه، وإن أشكل عليك أمر فاكتف به
مني (?). إن هذه الوصية غير متفق عليها من المؤرخين لذلك لا يمكن قبولها دون تمحيص، فالنقد الخارجي للنص يظهر بأنه مذكور دون سلسلة رواة الطبري، ولا ذكر للنص في مصادر مهمة أخرى مثل أنساب البلاذري وأخبار الدولة العباسية، وليس هناك أهمية كبرى لذكرها في كتب تاريخية متأخرة لأن هؤلاء المؤرخين المتأخرين أمثال ابن خلدون وابن كثير وابن الأثير نقلوها ممن ذكرها قبلهم والمهم هنا أن نذكر بأن رواية الدينوري (?)، وكتاب العيون والحدائق (?) لا تذكر النص الذي يأمر فيه إبراهيم أبا مسلم بقتل العرب دون تمييز، ولكن الوارد أن الأمر كان بقتل العرب الذين يرفضون الدخول في الدعوة العباسية أو المشكوك في ولائهم لها: واقتل من شككت في
أمره (?). أو كما يقول العوفي: لقتل كل المدّعين أو المطالبين بالإمامة (?)، ويؤيد ذلك ما يذكره صاحب أخبار العباس على لسان أبي مسلم: أمرني الإمام أن أترك في أهل اليمن وأتألف ربيعة ولا أدع نصيبي من صالحي مضر وأحذر أكثرهم من إتباع بني أمية وأجمع إليّ العجم (?). ويمكن تلخيص النقد الداخلي للوصية بالنقاط التالية:
- الرواية مجزأة في الطبري إلى قسمين تذكر بينهما حوادث ذات علاقة بتطور الدعوة ولا علاقة لها بالوصية.
- تأتي الوصية تحت عنوان سبب قتل مروان بن محمد لإبراهيم الإمام، مما يدل على أنها أو بعضها على الأقل دعاية ضد العباسيين وضعت من جانب أعدائهم.