ثالثاً: إعلان الثورة العباسية:

تعمقت الدعوة العباسية في نفوس الأتباع، وتتطلع الناس لها، وانتشرت فكرتها، وعلقوا الآمال عليها، فهي دعوة آل البيت، وهي التي سوف تخلصهم من الدولة الأموية وهي بجانب هذا ستعيد لهم عزهم وسلطانهم التليد، فتمسكوا بها وناصروها فاتسعت خلايا الدعوة، وتعمقت جذورها في السهول والجبال فعمت المدن والقرى والأقاليم وفي هذه الفترة الحرجة فترة عز ونشاط الدعوة السرية مات صاحب الدعوة ومنظمها محمد بن علي بالحميمة في ذي القعدة سنة 125 هـ وأوصى بتولي أمر الدعوة إلى ابنه إبراهيم الذي تسمى فيها بعد بالإمام (?)، وكان رئيس دعاة الكوفة بكير بن ماهان موجوداً في هذا الأثناء بالحميمة فحمل هذه الوصية إلى خراسان وأبلغها إلى النقباء فصدقوه ودفعوا إليه ما اجتمع قبلهم من نفقات شيعته، ورجع إلى الحميمة، حيث طمأن الإمام عن سير الدعوة في خراسان وأبلغه إخلاص هؤلا الدعاة لأمامهم الجديد وسلم إليه ما لديه من الأموال فعاد إلى الكوفة (?)، ومعه بعض الشيعة العباسيين بعد أن تعرفوا على أمامهم الجديد، وقد حثوه على تعجيل الثورة المسلحة قائلين: وحتى تأكل الطير لحوم أهل بيتك وتسفك دماؤكم، وتركنا زيداً مصلوباً بالكنانة وابنه " يحي " مطروداً في البلاد، وقد شملكم الخوف، وطالت عليكم مدة أهل البيت السوء (?).

كان إبراهيم بن محمد، أرفع إخوته مكاناً وأعلاهم شأناً وكان عظيم القدر عند أهل المدينة ومكة وكان تقياً ورعاً (?)، وجواداً معطاء (?)، وحكيماً حليماً وحازماً صارماً وكان له عناية بالحديث ومعرفة بالبلاغة ورواية للشعر (?)، ولما تولى قيادة الدعوة العباسية سعى في بث الدّعوة ونشرها وجدّ في تقويتها وترسيخها واجتهد في تنظيمها وإحكامها (?).

ولما مرض بكير بن ماهان أرسل إلى إبراهيم الإمام يستأذنه بتولية زوج ابنته " أبو سلمة الخلال " رئاسة الدعوة بدلاً منه، فكتب إبراهيم إلى أبي سلمة يأمره بالقيام بعمل بكير بن ماهان كما أرسل إلى خراسان يخبرهم بتولي أبي سلمة أمر الدعوة، فأجابوه بالطاعة والتصديق له فمات بكير بعد ذلك بقليل سنة 127 هـ (?) والحديث عن أعلان الثورة يسوقنا إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015