إليهم ويبث دعاته فيهم وهذا الذي فعله محمد بن علي العباسي، فقد كان عن الناس بمعزل وكان يكتب للناس ويبث دعاته من خلال تنظيم محكم انتشرت خلاياه الدعوية في جسم الأمة الإسلامية.

6 - انحراف خطير عن منهج الدعوة وموقف محمد بن علي العباس ضده:

في سنة 118 هـ بعث بكير بن ماهان عمَّار بن يزداد داعية إلى خراسان وكان نصرانياً من أهل الحيرة ثم أسلم وصار معلماً بالكوفة، فلمّا أتى خراسان تسمَّى بخداش بن يزيد، ودعا الناس إلى بني العباس فأجابوه، ثم انحرف عن الدعوة العباسية، وخرج عن مبادئها وقواعدها وشذَّ عن مراميها ومقاصدها فثار عليه شيعة بني العباس وفتكوا به، ويقال: إنَّ أسد بن عبد الله القّسْري هو الذي قبض عليه وأعدمه (?) وقال البلاذري: وجه بكير عَّماراً هذا فغيّر سُننَ الإمام، وبّدل ما كان في سيرة من قبله، وحكم بأحكام منكره مكروهة، فوثب به أصحاب محمد بن علي فقتلوه،

ويقال: بل قتله أسد بن عبد الله وصلبه (?)، وفيما روى ابن جرير الطبري من خبر خداش أنه أعلن دين الخُرّمية وأحّلًّ النساء وأباحهن وذكر لشيعة بني العباس أن محمد بن عليَّ أمره بذلك، فأخذه أسد بن عبد الله القسري، ومثل به ثم قتله (?)، وروى ابن الأثير أن خّداشاً أجاز لشيعة بني العباس ترك الطاعات والفروض وسوّغ لهم ذلك واحتجَّ له احتجاجاً قبيحاً، يقول: قال لهم: إنه لا صوم ولا صلاة ولا حج، وإن تأويل الصوم أن يُصام عن ذكر الإمام فلا يباح باسمه، والصلاة

والدعاء له، والحج القصد إليه، وكان يتأوَّل من القرآن (?) قوله تعالى: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتّقوا وآمنوا وعملوا الصالحات " (المائدة: 93). وكان مروق خِداش من الدَّين وانسلاخه من الإسلام، ومزجه تعاليم الدَّعوة العباسية بتعاليم الخُرَّمّية أكبر الأخطار التي صادفها محمد بن علي، فقد نكب شيعتها وشق صُفُوفهم شقاً وكان من انحازوا إليه منهم كُثراً وكان فيهم بعض النُّقباء والدُّعاة (?)، وروي البلاذري أن محمد بن علي صرف شيعة بني العباس بخراسان عن مقالة خِداش، إذ أرسل إليهم بكير بن ماهان، فرتق فتقهم، ورأب صدعهم، ولّم شعثهم وأعادهم إلى منهاج محمد بن علي ودعوته (?) وقد أرسل مع بكير من ماهان رسالة إلى دعاته في خراسان يحذرهم من الدخول في هذه المبادئ المنافية للإسلام،

كما أرسل معه رسالة ثانية إلى رؤساء الدعاة (?).

قال في رسالته الأولى: سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ... وأشهد أن الله يبدئ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015