هذا الواقع، إذ أن قيادة الدعوة كانت تحكم قبضتها على كل الأمور، من خلال جهاز بالغ الدقة في التنظيم والإدارة، وسرعان ما لجأت إلى التخلص من هذين الرجلين القويين، بعد، إنهاء دوريهما المرسومين، ومحاولة كل منهما تجاوز خطوطه المحددة (?)، وهكذا في قرية من أطراف الشام تّم للعباسيين إخراج مشروعهم إلى حيز التنفيذ، متحالفين مع الوقت، ومتقنين العمل السري، وراصدين ثغرات الحكم الأموي، بما فيها مساوئ الخلفاء وضيق رؤيتهم السياسية، مما حاد بهؤلاء عن الموضوعية واتخاذ المواقف المسئولة، خصوصاً في تلك المرحلة المتأخرة منه (?)، وقد كانت دراستهم العميقة لأسباب النجاح وعوامل أضعاف الأمويين تدرس بحكمة ووعي فائق وذكاء كبير في مركز القيادة بالحميمة:
لكل دعوة أو مذهب منظومة فكرية وشعارات خاصة تنادي بها وتجعلها رمزاً يؤمن بضرورة تحقيقه ومن أهم مبادئ وشعارات الدعوة العباسية التي رفعتها ونادت بها:
أ- الدعوة إلى الإصلاح: ومن شعارات الدعوة العباسية الإصلاح أو الدعوة إلى الكتاب والسنة وهو شعار عام وهو أشمل شعارات الدعوة العباسية والواقع أن إحداثاً كثيرة تركت في النفوس آثاراً مريرة، مثل حصار الكعبة وانتهاك حرمة المدينة المنورة يوم الحرة، وسفك دماء أهل البيت وسياسة القهر والجبر واضطهاد المعارضة، والابتعاد عن سيرة السلف الصالح، وحب الترف واللهو وكثرة مظاهره وكثرة المذاهب وتصارعها وظهور أقوال كثيرة غير مألوفة من قبل، والاعتماد على العصبية في الحكم، ويبدو أن جهود هؤلاء الدعاة والأئمة تضافرت لنشر هذه الدعوة ومصداق ذلك دراسة ما رواه صاحب الأخبار الطوال (?) عن الذين انضووا تحت لواء أبي مسلم وبايعوه وقد جاءت الوفود من مدن خراسان كلها، ومن القرى الصغرى، ومن أهل الثغور من كرمان وكابل وخوارزم وجرجان والديلم وأهل ما وراء النهر وأهل طخارستان، بل آمن العرب بهذه الدعوة، ودخلت فيها قبائل عربية مثل خزاعة وطيء وبكر وتغلب وتميم وبالطبع انتشرت الدعوة في العالم الإسلامي كله ولكنها تركزت في إيران بعامة وفي خراسان بخاصة (?).
ب- المساواة: وهو شعار المساواة بين الشعوب وهو شعار ساهم في إنجاح الثورة العباسية وأنصف الشعوب التي أسلمت واندمجت في الحضارة الإسلامية وصارت تتطلع