فارغة لم تتقسمها الأهواء،
ولم تتوزعها النحل، ولم يقدح فيها فساد، وهم جند لهم ابدان، وأجسام، ومناكب، وكواهل، وأصوات هائلة ... وبعد: فإني أتفاءل إلى المشرق، وإلى مطلع سراج الدنيا، ومصباح الخلق (?).
لقد وصف محمد بن علي للدعاة المكان الذي يمكن أن تنمو فيه الدعوة وتحقق اكبر النجاح للقضاء على الحكم الأموي:
أ- فخراسان:
منطقة بعيدة عن عاصمة الدولة وفيها رجال أقوياء حاقدون على الحكم الأموي، والاستقرار في هذه المنطقة شبه مفقود وفيها شيعة متحمسون لنصرة آل البيت وفي خراسان: جمجمة العرب وفرسانها (?)، فقد كانت خراسان موطن المقاتلة العرب الذين مرستهم الحرب الطويلة مع تركستان والذين عبّروا مراراً عن تذمرهم من السياسة الأموية والعسكرية (?)،
فقد تضايقوا من سياسة التجمير وهي وإبقاء المقاتلة في الثغور وعلى خطوط المواجهة شتاءً في الوقت الذي يرغب المقاتلة من قضاء الشتاء مع عوائلهم.
- كان الوالي الأموي يسلبهم حصتهم من الفيء والغنيمة أحياناً أو يأخذ أكثر من حقه منها أحياناً أخرى.
سئمت القبائل من النزاع المستمر بين الشيوخ والرؤساء الطموحين للوصول إلى السلطة حيث خلق هذا بين قبائل خراسان نوعاً من القلق ولذلك وجدت تلك القبائل في الدعوة العباسية أملاً جديداً لحياة أكثر استقراراً ويسراً (?)
ب- الحجاز: فهو إقليم غلب عليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فأهله يميلون إلى الزهد والعبادة، ويركنون إلى السلم وترك الاشتغال بالسياسة، فهم لا يرون أن الخلافة حقاً من حقوق بين هاشم - وإنما في قريش عموماً - ولهذا فشلت حركة المدينة التي قام بها بعض المعارضين للحكم الأموي، كموقعة الحرة عام 63 هـ. وفي مكة انتهت خلافة عبد الله بن الزبير عام 73 هـ دون أن تحقق الهدف المنشود - لأسباب كثيرة مُّر ذكرها - كما أن أهل الحجاز يعرفون أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وصلوا إلى الخلافة بالشورى، والاختيار والقبول من الأمة الإسلامية من غير تسلط أو سفك دماء.
ج- الشام: وأما إقليم الشام " دمشق " التي اتخذها الأمويون عاصمة لدولتهم الإسلامية