أفضل عابداً وناسكاً منهم بالحُميمة (?) وكان عالماً له معرفة ورواية عن أبيه (?) وكان سيداً شريفاً بليغاً (?) وكان كبير المحلَّ عند أهل الحجار (?). روي هشام بن سليمان
المخزومي: أن عليَّ بن عبد الله كان إذا قدم مكة حاجاً أو معتمراً عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام وهجرت مواضع حلقها، ولزمت مجلس علي بن عبد الله إجلالاً له وإعظاماً وتبجيلاً، فإن قعد قعدوا وإن مشى مشوا جميعاً، ولم يكن يُرى لِقُرَشيَّ مجلس " ذِكْرٍ " يُجتمعُ إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم (?). فقد جمع علي بن عبد الله العباسي صفات الزعامة من علم وعبادة، وهيبة ومكانة في النفوس ... إلخ.
أوصى عبد الله بن العباس ابنه علياً بإتيان الشام والتنحي عن سلطان بن الزبير إلى سلطان عبد المملك ولما توفي أبوه عمل بوصيته ورحل إلى الشام واستقبله عبد الملك واحتفى به، وكان يجلسه على سريره إذا دخل ويحادثه ويسامره وكان يرعاه ويهدي إليه الجواري، ويقضي حوائجه ويقبل شفاعته (?).
علم الوليد بن عبد الملك في عهده أن علياً يطلب الخلافة ويتنبّأُ بانتقالها إلى بنيه فضيق عليه ونال منه وشهر به، ثم جلده وطرده من بلاد الشام (?) وقد انحطت منزلة علي في
عهد الوليد، وساءت حاله واضطربت وقد التمس الوليد الأسباب للانتقام منه والإضرار به فأذَّله واعتدى عليه، وجاوز القصد في ردعه ومعاقبته، فجلده مراراً ونفاه (?).
لما استخلف سليمان بن عبد الملك ردّه إلى دمشق، وأخلى سبيله، وأنال عنه ما لحق به من ظلم وهوان وربما اعتذر إليه من تعذيب الوليد له، وتنكيله به، وجوره عليه، وأنصفه وتألفَّه فصلحت حاله واستقامت، ورجع إلى الحمُية، فأقام بها حّراً عزيزاً، وعاود فيها نشاطه لا رقيب له ولا حسيب عليه. ولما جاء عهد عمر بن عبد العزيز أمر بالكف عن اضطهاد