أولاً: قدرات مروان بن محمد العسكرية:

ورغم أن الدولة الأموية انتهت وانهارت في عهده أو بنهاية خلافته إلا أنه يعتبر من فرسان بني أمية وشجعانهم ولم يكن مروان من القادة العاديين، فهو إلى جانب مهارته في القيادة وحيله الحربية ومعرفته بنفوس المحاربين، فاجأ العدو بخطط حربية لم يألفها، فكان بعدد صغير من الجيش يقضي على عدد كبير من الأعداء ويذكرنا مروان بن محمد في حروبه برومل بطل الألمان في حربه للإنجليز بشمال إفريقية في الحرب العالمية الأخيرة (?)، وكان من عبقرية مروان أنه لم يعتمد على التنظيم القبلي، بل جعل جيشه مقسماً أقساماً متشابهة متكاملة في أجزائها، تستطيع الفرقة أن تلعب في ميدان القتال بمفردها ما تفعله عّدة قبائل غير متجانسة، وكان مروان يلقي بكتيبة من كتائبه في الحرب فرقة بعد فرقة، فإذا ظن العدو أنه تمكن من الكتيبة التي تحاربه، أتته كتيبة أخرى تذهله بقوتها الجديدة وعلى كل كتيبة اسم تسمى به " كالذاكونية والوضاحية". وهذه الكتائب تتكون من الأفراد المدربين، كل منهم ذو عمل محدد يتقنه والانسجام مطلوب منهم في أعمالهم، وهم لا يعتمدون على الغنيمة التي تدرها الحرب عليهم، بل على أجور منتظمة يأخذونها وتكفيهم أودهم وقد حققت خططه في القتال انتصارات كثيرة على خصومه، حتى لندهش من المعارك العديدة التي قارع فيها مروان خصومه، فكان يقضي عليهم الواحد بعد الآخر، مع أن ظاهر أمله في النجاح ضعيف (?)،

وكان مروان شيخاً محنكاً حين توفي يزيد بن الوليد، فقد كان تجاوز الخامسة والخمسين من العمر، وكان يعد شيخ بني أمُية، وهو رجل ذو طموح عجيب، وقد وجد أن من بقي من بني أمية لم يكونوا بمستواه من القدرة والقوة والكفاءة، فطمع إلى الخلافة، وتلك بادرة من بوادر انهيار الدولة الأموية، فبدلاً من أن تنتقل الخلافة بالعهد - كما هو السائد في النظام الأموي - صار الطامحون يسعون إليها بالقوة، أو بالمؤامرات، كما فعل يزيد بن الوليد قبل مروان هذا، وتظهر رغبة مروان في أن يلعب دوره في الوصول إلى الخلافة حين امتنع عن مبايعة يزيد بن الوليد واعتبره مغتصباً للخلافة وأراد أن يعلن عصيانه عليه لولا أن يزيد تلافى ذلك بتثبيته على الجزيرة وأرمينية (?) وأذربيجان والموصل، فرضي وبايع ليزيد، ولكن يزيد لم يلبث أن توفي سريعاً، في نهاية 126 هـ وكان قد عمل قبل وفاته لأخيه إبراهيم بن الوليد فبايعه بعض الناس بالخلافة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015