أفراد المجتمع للعمل والإنتاج، فكثر عدد المؤدِّين للزكاة، وانخفاض عدد القابضين لها (?).
والجزية في الاصطلاح: هي الوظيفة (الضريبة) المأخوذ من الكافر لإقامته بدار الإسلام في كل عام والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع (?)، وقد قام عمر بن عبد العزيز بإتباع السنة في إيراد الجزية، فقد أسقطها عمّن أسلم، لأن الجزية فرضت على الكافرين وتسقط بالإسلام (?)، ومع ذلك فقد استمر بعض خلفاء بني أمية في أخذ الجزية ممن أسلم، فأخذها الحجّاج لظنِّه أنهم دخلوا الإسلام هربا من الجزية، ولقد أدى ذلك إلى زيادة النقمة على الحجّاج وعلى الأمويين (?)، وعندما تولى عمر الخلافة سارع إلى إلغاء الجزية عن المسلمين (?)، وتشدّد في ذلك، وكتب إلى العمال كتاباً جاء فيه ((من شهد شهادتنا واستقبل قبلتنا واختتن فلا تأخذوا منه الجزية (?). ولما سمع أهل الذمة عن عدالة عمر وسيرته سارعوا للدخول في الإسلام، فشكا عامله ذلك، لأنه أدى إلى نقصان الجزية، فأجابه عمر: أما بعد، فإن الله قد بعث محمداً داعياً ولم يبعثه جابياً (?). ولأن عمر اعتمد في سياسته على ترسيخ قيم الحق والعدل، ورفع الظلم عن أهل الذمة ورفق بمزارعيهم وفرض الجزية عليهم حسب المقدرة المالية للفرد، فجعلها على ثلاث طبقات للغني وللمتوسط وللفقير، وجعل صاحب الأرض يعطي جزيته من أرضه والصانع يخرجها من كسبه والتاجر من تجارته (?)، وفرض الجزية حسب طاقة البلاد المالية، فجعلها على أهل الشام أكثر منها على أهل اليمن بسبب غناهم ويسارهم (?)، ورفع الجزية عن الفقراء الذين لا يستطيعون دفعها، وأجرى عليهم رزقاً من بيت المال، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه (?)، وخفَّضَ عمر الجزية عن أهل نجران حيث أمر بإحصائهم، فتبين له أن عددهم نقص إلى العشر، وجزيتهم بقيت كما هي، فأخذ منهم مئتي حلة بدلاً من ألفين، وأسقط جزية من مات أو أسلم (?)، وقد كانت للإصلاحات في جباية الجزية آثار مالية لصالح بيت المال، فإسقاط الجزية عمن أسلم أدّى إلى زيادة الثقة بين الحاكم والمحكوم والشعور بالعدل والإنصاف، وبالتالي أدّى إلى إيقاف القلاقل والفتن التي كلفت الدولة نفقات طائلة، كما إن إسلام كثير من أهل الذمة جعلهم يدفعون الزكاة بدل الجزية والزكاة مقدارها أكبر هذا مع استمرار دفع الخراج على الأرض، أما انتشار أجواء