فرسم سياسته الجديدة لإنصاف الفقراء والمظلومين ولقد استخدم عمر للوصول إلى هذا الهدف بعض الوسائل العملية منها:

ـ منع الأمراء والكبراء من الاستئثار بثروة الأمة، ومصادرة الأملاك المغصوبة ظلماً، والتي استولى عليها الأمراء والكبراء، وإعادة هذه الأموال إلى أصحابها إذا عرفوا أو إلى بيت المال، إذا لم يعرف أصحابها، أو كانت من الأموال العامة.

ـ زيادة الإنفاق على الفئات الفقيرة والمحرومة ورعايتها وتأمين مستوى الكفاية لها عن طريق الزكاة وموارد بيت المال الأخرى (?). وقد قام بتنفيذ هذه السياسة، كما مرّ معنا في سياسته في رد المظالم ولقد كانت سياسة عمر التوزيعية تهدف على إيصال الناس إلى حد الكفاية: يلاحظ ذلك من خطبه، فقد خطب الناس يومياً فقال: وددن أن أغنياء الناس اجتمعوا فردوا على فقرائهم حتى نستوي نحن وهم وأكون أنا أولهم (?). وفي خطبة أخرى: .. ما أحد منكم تبلغني حاجته إلا حرصت أن أسدّ من حاجته ما قدرت عليه وما أحد لا يسعه ما عندي إلا وددت أنه بُدِئ بي وبلحمتي الذي يلونني حتى يستوي عيشنا وعيشكم (?) وقد طبق عمر هذا التطور علمياً عندما أمر بقضاء دين الغارمين فكتب إليه عامله: إنا نجد الرجل له المسكن والخادم، وله الفرس والأثاث في بيته، فأجاب عمر: لا بدّ للرجل من المسلمين من مسكن يأوي إليه رأسه وخادم يكفيه مهنته، وفرس يجاهد عليه عدوه، وأثاث في بيته، فهو غارم فاقضوا عنه (?)، فسياسة عمر التوزيعية تهدف إلى كفاية الناس من حيث المسكن والمركب والأثاث، وهي عبارة عن حاجات أساسية، وضرورية للإنسان تصعب الحياة بدونها (?).

2 ـ تحقيق التنمية الاقتصادية والرفاه الإجتماعي:

سعى عمر بن عبد العزيز عن طريق العديد من الوسائل لتحقيق هذا الهدف، فقد أوجد المناخ المناسب للتنمية عن طريق حفظ الأمن والقضاء على الفتن، ورد الحقوق لأصحابها، وبذلك باتت الرعية مطمئنة على حقوقها، آمنة في أوطانها كذلك أمر ببناء المرافق العامة، والتي تسمى اليوم بمشاريع البنية التحتية، ولا تقوم التنمية إلا بهذه المرافق الضرورية من أنهار وترع ومواصلات وطرق، وقد أكد عمر على مبدأ الحرية الاقتصادية المقيدة بضوابط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015